ودلفتُ للمقهى أَدبُ كأنني=ثملٌ وما عاقرتُ بنت الحانِ وقصدتُ كرسيّاً بركنٍ هادئ=ذا نمرقَين أُعِدَّ خلف خوان ألقيت نفسي في رحابة صدره=وسبحتُ في دنيا من الأحزان أسقيت نيراني شراباً بارداً=وصببت فيها ماء كأسٍ ثان لم تستطيعا رغم برد شرابهم=تخفيف حدة ثورة النيران صفقتُ جاءَ القهوجيُّ بشيشةٍ=عدنية وبليّها الصنعاني قد توجتْ رأسَ الجراكِ كأَنها=نضدت من الياقوتِ والمرجان قبلتْ مَبْسمها فهزّ زفيرُها=منها القوامَ كغادةِ الأخدان وتنفستْ بالطيب فاحَ أَريجُه=من عطر كلكتَا وباكستان أودعتُه صدري وموطنَ علّتي=وغمرتُ منه مكامنَ الحرمان ونفثتُه من بعد ذاك سحابةً=مغمورةَ من أَضلعي بدخان أَخذتْ ضبابتُها تحلّق عالياً=محفوفة بمواكب الإخوان ثبتُ طرفي في مجال صعودها=ببلادةِ المتحيرِّ "الغَلْبان" ثم انتفضتُ وقمتُ أَسعى ساحبا=قدمي إلى ركني وعش زماني وهناك بّللتِ الفراش مدامعي=أَسفا على خلّ من الخلان وعجبتُ للإنسان واعجباً له=جُبِلَتْ غرائزُه على الكفران أحد كبار شعراء القرن الماضي