صاحبي من أنصار السياحة الداخلية، ولا يعود ذلك إلى حرصه على أن يتعرف أبناؤه على «ربوع بلادي»، كما لا يعود ذلك إلى حرصه على عدم إنفاق ماله خارج المملكة، وصاحبي ليس لديه موقف من الخواجات يجعله يكره زيارة ديارهم، ولا ترد في ذهن صاحبي أي مقارنة للأسعار تجعله يتوهم أن السياحة الداخلية أقل تكلفة من السياحة في الخارج، السبب الوحيد الذي يجعل صاحبي يفضل السياحة الداخلية ويرفض أي بديل لها يوجزه صاحبي حين يقول ( .. شوف ..لو تلف الدنيا كلها ما راح تلقى بلد يضبطون فيه الشيشة زي بلدنا .. ولما تضرب راس جراك أصلي هنا تعرف الفرق بين اللي تلاقيه في بلدك واللي يمكن تلاقيه في أي بلد ثاني يحاول يرضيك بشيش معفنة وجراك مضروب). صاحبي شد شكاعه وركاعه (وأنا لا أعرف معنى الشكاع والركاع ولكنها تعني أنه جهز نفسه وأولاده) وقرر أن يقضي إجازة ثلاثة أيام في أحد المنتجعات السياحية التي استدرجته بإعلاناتها، وبمجرد وصوله، بعد أن أمضى بضع ساعات في الطريق، رفع سماعة الهاتف: (لو سمحت حجر جراك صافي)، وجاءه الرد صادما: (معلش المعلم نام)، لم يكن الوقت متأخرا ولكنه التمس للمعلم العذر فهو نائم لأنه قضى يومه كاملا يخدم الزبائن. في اليوم التالي حرص على أن يتصل بخدمة المنتجع مبكرا مكررا طلبه: (حجر جراك صافي لو سمحت)، وجاءه الرد هذه المرة مؤكدا: (بعد ساعتين يمكن ..المعلم مشغول مع الزبائن)، قرر أن ينتظر الساعتين ثم تذكر أنه هو أيضا من الزبائن ولم يستضفه المنتجع مجانا فألح في طلبه، تجاوبوا معه ووصلته الشيشة بعد ساعتين إلا ربعا. قبل أن يغادر المنتجع ظهيرة اليوم الثالث قرر أن يودع المكان، رفع سماعة الهاتف وكرر طلبه للمرة الثالثة: (حجر جراك صافي)، وجاءه الرد هذه المرة معتذرا: (معلش المعلم في قيلولة). حمل صاحبنا شكاعه وركاعه (خلاص عرفتم معناها)، وغادر المنتجع وقد فتح الغضب عينيه على أن يدرك أنه دفع في حجرة بائسة ما يساوي أجرة حجرة في فندق كونكورد لافاييت في باريس، وأن أثاث الغرفة التي قضى فيها ثلاثة أيام تفوح منه رائحة العطن، وأن المطبخ الذي يتباهى به المنتجع في إعلاناته ليس أكثر من دولاب مخلع الأبواب، وأن المسبح الذي يلهو فيه الأطفال والشباب يخلو من مرشد أو منقذ. غادر صاحبي غاضبا بعد أن تأكد أن سياحتنا الداخلية في قيلولة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة