تضم مكةالمكرمة بين جنباتها مساجد يعود تاريخها إلى زمن النبوة، وتقف شواهد على أحداث السيرة النبوية، طالتها الرعاية والاهتمام على مر التاريخ الإسلامي ولا تزال تُعمر بإقامة الصلوات حتى هذا الوقت. ومن هذه المساجد التاريخية "مسجد الجن" وشهد عدة أحداث حيث تلقى نبي الهدى - عليه الصلاة والسلام - بيعة الجن فيه، وبترابه موضع الخط الذي اختطه الرسول - عليه الصلاة والسلام - لابن مسعود، وفي إحدى لياليه استمع نفر من الجن إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو القرآن، ونزلت سورة الجن. ويقع المسجد أمام مقبرة المعلاة في مكةالمكرمة، ويسمى بمسجد الحرس، وجُدد أكثر من مرة عبر العصور الإسلامية، وآخر تجديد تم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - عام 1421ه.وقد عُمر عمارة بديعة وأُلبست جدرانه الخارجية بالحجر. ويقع "مسجد الجعرانة" شرق مكةالمكرمة بمسافة 24 كيلومتراً عن المسجد الحرام، ومنه يعتمر أهل مكةالمكرمة، وقد أعيد بناؤه على الطراز الحديث في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - على مساحة تقدر ب 430 متراً مربعاً وبطاقة استيعابية تبلغ 1000 مصلٍ. وشهد "مسجد الجعرانة" حادثة تقسيم الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - للغنائم التي اغتنموها من هوازن في غزوة حنين عام الفتح، وأقام بها – عليه أفضل الصلاة والتسلم- بضع عشرة ليلة لم يقسم الغنائم منتظرا قدوم هوازن تائبين، ولما وزعها جاء وفد هوازن تائباً وهو بالجعرانة فسألوه أن يرد إليهم سبيهم وأموالهم فقال لهم اختاروا إما السبي وإما المال فاختاروا السبي فطلب من المسلمين رد السبي بطيب نفس ففعلوا، ثم أحرم منها ليلاً ورجع بعد أداء العمرة في الليلة نفسها وأمر جيشه بالرحيل إلى المدينةالمنورة. ومن تلك المساجد"مسجد الحديبية"، وموقعه حالياً في الشميسي على طرق مكةالمكرمة / جدة القديم ويبعد 24 كيلومتراً من المسجد الحرام وقرابة كيلومتر واحد من حد الحرم، وبُني المسجد الحديث بجوار المسجد الأثري القديم المبني بالحجر الأسود والجص، وفي الحديبية تمت بيعة الرضوان في العام السادس الهجري. ويُعد مسجد"الإجابة" من أقدم المساجد بمكةالمكرمة وهو قائم في حي المعابدة، وقيل إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلى في موضعه، وأنه بُني قبل العام الثالث الهجري. وأطلق عليه اسم "خيف بنى كنانة" وهو المحصب، والخيف ما انحدر من الجبل وارتفع عن سيل الماء، وحدّ المحصب وخيف بني كنانة من الحجون إلى منى وهو إلى منى أقرب. وجرت عمارته في العهد السعودي عدة مرات، كان آخرها عام 1422 ه حيث كُسيَ المسجد من الخارج بالرخام الملون وجُعلت في وسطه قبة ومنارة خارج بناء المسجد ومواضئ مجهزة للمصلين.