سيطرت مجموعة من الكاتبات الدراميات على عدد من المسلسلات الرمضانية، وقدمن قصصا تتشابه في مضمونها ورسالتها التي تصور الرجل بأنه مصدر الشرور في المجتمع والعقدة التي دائما ما تسبب شرخا في جدار العائلة، واتسمت هذه الأعمال بقسميها التراجيدي والكوميدي في إدخال الرجل في متاهات مظلمة تنم عن فكر سوداوي على عكس المرأة التي تتمتع بالبراءة والبعد عن كل ذلك.. فقد نجحت الكاتبة هبة مشاري في لفت الأنظار إلى مسلسل «زوارة خميس» الذي استطاع حصد نسبة متابعة كبيرة. العمل شهد تباينا في الآراء وانقسام المتابعين بين مؤيد ومعارض لما ذهبت إليه في قصتها حينما بدا واضحا طوال مجريات العمل عن سخطها على المجتمع الذكوري وتجسد ذلك في الخطوط الدرامية التي رسمتها لشخصيات المسلسل، إذ وضح جليا للمتابع من الوهلة الأولى وضع الرجل في دائرة الخيانة وعدم الوفاء وتحميله مسؤولية هدم وتفكيك رباط الأسرة بشكل أثار حنق المتابعين بعد أن أبحرت بخيالها الواسع في نسج قصص لا يمكن أن تحدث داخل المجتمعات الخليجية ذات الوازع الديني والأخلاقي التي ترفض مثل تلك الأمور، كما أنها لا تقبل أو تسمح بها عاداتهم وتقاليدهم. الكاتبة رأت من منظورها الشخصي أن الرجل يعتبر رمزا للخيانة، وحاولت في سياق القصة أن تنتزع منه قناعه الحقيقي لتلبسه أقنعتها المستوحاة من خيالها المزيف ضد الذكر دون أن تراعي فيه دوره الريادي والمثالي في بناء مجتمع فعال ومتماسك كل تلك الانفعالات التي أفرزتها الكاتبة صورتها في شخصية «ثنيان» الذي جسدها باحتراف الفنان محمد المنصور وأبناؤه الخمسة الذين تناولتهم في أحداث القصة عبر السيناريوهات التي رسمتها لهم، كل على حدة بشكل سلبي لكي توصل رسالتها المبالغ فيها من خلال الدخول في حقل النوايا وعلم الغيب، وذلك عبر شخصية «موزة» التي أدتها باقتدار الفنانة سعاد عبدالله بعد اكتشاف سبب طلاقها من ثنيان الذي كان على علاقة محرمة شرعا واجتماعيا بشقيقتها «نادية» إلهام الفضالة حينما طالبت أبناءها بالخيانة أو الطلاق في وقت مبكر حتى لا يسرقوا أعمار زوجاتهم، كما حدث معها بعد زواج دام 40 عاما. كل تلك المعطيات لا تبرر للكاتبة بأن ترمي بالتهم على الرجال وإسقاطهم في وحل الخيانة في الوقت الذي كانت تنتصر للمرأة وتحاول أن تصنع منها دورا مثاليا في تماسك الأسرة وطهارة المجتمع رغم أنها تعلم جيدا أن شرارة الخيانة في سياق العمل بدأت من المرأة خاصة أن نادية هي من اقتحمت منزل الأسرة، وأشعلت فتيل المشكلات داخلها، غير أن الكاتبة حاولت إيجاد مخرج للمرأة من هذا المأزق لتبرر للمشاهد بأنها ضحية نزوة أطفأتها بابتعادها عن «ثنيان» زوج شقيقتها، على الرغم من أنه هو من قام بملاحقتها وإقناعها له من خلال إصراره على الارتباط بها. ولو التفتنا لعدد من المسلسلات هذا العام التي تمت كتابتها من قبل المؤلفات النواعم لوجدنا أنها تدور في نفس الدائرة مع اختلاف الطرح والزوايا فمثلا في مسلسل «عايزة أتجوز» للفنانة هند صبري بذلت الكاتبة غادة عبدالعال جهدا مضنيا في سبيل إيصال مفهوم لدى المتابعين بأن سبب عنوسة الفتيات هم الرجال، وليس النساء، ورغم النجاح الكبير الذي حققه المسلسل إلا أن نجمة العمل كانت في كل يوم تحاول إضحاك الناس على العرسان، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تكرر مع الفنانة إلهام شاهين في مسلسل «نعم مازلت آنسة» من تأليف الكاتبة عزة عزت التي استمرت على نهج بنات جنسها من الكاتبات اللاتي يطرحن القصة على أن هنا طرف قوي وآخر يعيش أسوأ أنواع العذاب من أجل كسب تعاطف المشاهدين وانحيازهم صوب الأثنى ضد الذكر، وهنا تصبح المسألة انتقائية وبعيدة عن الموضوعية الدرامية، خاصة أن الكاتبات من النساء لا يخرجن عن نطاق العمل الاجتماعي الذي لا تخرج أحداثه عن إطار الأسرة والأقارب، وغياب الكتاب الرجال أفسح الطريق أمامهن لينقلن تصفية الحسابات من أرض الواقع إلى الشاشة بأسلوب بعيد عن حسابات المنطق