نؤمن جميعاً أن كل شيء بقضاء وقدره وأن الله هو المقدر لكل الأحداث وإنما نحن مجرد أسباب فقط , فالكوارث الطبيعية والهدم والغرق والفيضانات والأعاصير والتلفيات الناتجة جراء ذلك هي بتقدير الله سبحانه وتعالى وتحدث بأسباب طبيعية معروفة وغير معروفة ويمكن تفاديها واذا لم تتفادَ ولم يتم الاستعداد المناسب لها ولم يتم اتخاذ اللازم والتخطيط لذلك فستتفاقم وتتعاظم تلك المشكلة والكارثة وما حصل في محافظة جدة في اليوم الثامن من هذا الشهر الحرام لهو أقرب مثال لكلامي وأكبر حدث كارثي خلّف من ورائه موتى بالمئات ومثلهم المفقودين والمجهولين وكل يوم نسمع عن موتى تحت الأنقاض وكل شخص يبحث عن أخيه أو قريبه أو من يهمه أمره حتى قيل إن ما حدث في محافظة جدة لهو أشبه بتسونامي وسماه البعض (تسونامي جدة) إن المتأمل في هذه الكارثة يجد أن خلفها أموراً كثيرة وأسباباً عديدة وإهمالا واضحاً وجلياً من بعض الادارات في محافظة جدة فلا نجد تصريفا للمياه ولا نجد خططاً تنموية تطويرية أو ربما تكون تلك الخطط موجودة ولكنها حبيسة الأرفف والأدراج ولا أعلم متى نراها على أرض جدة ونرى العروس عروساً حقاً بجمالها وبهائها وروعتها لا كما يصورها الإعلام , فالذي لم يزر جدة يقول ويعتقد في قرارة نفسه إنها من أفضل المدن العربية نظاماً وجمالاً وقد فضح هذا السيل هذه الأوهام وكشف القناع عن كل ما هو مخفي عن أنظار العالم . إن محافظة جدة تحتاج إلى الكثير والكثير في تنظيم البنية التحتية وإعادة هيكلتها وذلك بتشغيل أناس لهم خبرتهم في هذا المجال واشغال دماء جديدة تبذل كل ما بوسعها لتحقيق اسم عروس البحر الأحمر قلباً وقالباً , هذه هي حقيقة الفساد الذي تطرقت إليه في مقالي السابق وقد ظهر الآن ولا شئ يقال غير أن هناك إهمالاً وتقصيراً من أطراف عدة. ولكن الشكر مفعم وموصول لرجال الدفاع المدني البواسل الذين كانوا مضرباً في التضحية والاقدام وتقديم الخدمات والمعونات والمساعدات للمتضررين من هذا السيل ولهم جزيل الشكر على جهودهم الجبارة والعظيمة وهذا أقل شئ نقدمه لهم وتشجيعهم وهم بدورهم سعداء لخدمة وطنهم الذي مكنهم من خلال الدفاع المدني للمواطنين وجميع المحتاجين في جميع مناطق البلاد . وبما أنه دفاع مدني وأنا مواطن ورجل مدني ورداً لجميلهم لما قدموه من خدمات كبيرة فأنا بدوري وبحكم عملي أقدم خدمتي للدفاع المدني في هذه القضية وهم يستحقون منا الكثير والكثير لبسالتهم وشجاعتهم في عملهم المتواصل وتلقي البلاغات وانتشال الضحايا والجثث وإيواء المتضررين حيث وصل عددهم أكثر من ثلاثة آلاف ومائتين شخص والأسر أكثر من ستمائة وخمسين أسرة وإنقاذ ما يقارب ألفين أربعمائة شخص ومازالوا قائمين مشكورين في عملهم ليل نهار وتنفيذ خططهم الاحترازية مما قد يحصل لا قدر الله في أي لحظة من اللحظات لأنه وكما يعلم المتابعون للأحداث أن بحيرة المسك قد ارتفع منسوبها فوق العشرة أمتار ورغم ذلك فإنه لا خوف على المجاورين لها ومن الأفضل الابتعاد والسكنى في مناطق مرتفعة وبعيدة عنها . ومن هذه الزاوية ادعو أن يحاسب كل من قصر أو أهمل أو تساهل في تنفيذ الخطط والمشاريع لأن هذه أرواح وضحايا مواطنين فقدهم الوطن بسبب أولئك وإهمالهم وإفسادهم وفسادهم فلابد أن يحاسبوا ويردعوا ليكونوا عبرة لغيرهم . ولا يفوتني أن أرفع أسمى آيات الشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين لأمره بصرف مبلغ مليون ريال لذوي كل ضحية في سيول جدة وهذا ليس بغريب على ولاة أمورنا وكذلك أشكر أمير منطقة مكةالمكرمة على حرصه ووقوفه شخصاً على ما حدث وإصدار أوامره بإصلاح ما قد فسد وارجاع المياه لمجاريها.