تنام الأزمات، ويبقى الوطن يقظا عصيا على أطماع «إعادة تشغيلها»، فكل الأوطان لها أقدام تدعس بها على أعناق أحلام التمرد داخليا أو الغزو خارجيا، ورجال حتى وإن كانوا خارج المشهد حاليا تصبح صدورهم وكأن الله خلقها لغاية واحدة، وهي استقبال رماح الأعداء قبل أن تلمس أرض الوطن. خبر التاريخ أن العرب وشبه جزيرتهم - قبل الإسلام وبعده - أنهم عرق نقي، ووطن أبي، حتى الدولة الإسلامية التركية لم تستطع «تركنة عرب الجزيرة» خلال ثمانمائة عام من أحلام الباب العالي حتى انكسر، وتم بتر يد البواب على يد عبدالعزيز آل سعود. كان ولا يزال - كأحد نواميس الكون - عرب الجزيرة طينا لا ينتمي إلى ذل، ولا للامتزاج بماء الغزاة، وهي حقيقة لا تعيها «طهران» الحالمة بإعادة بناء هياكل «كسرى المجوس» على أيادي «كسرى الصفوية» طامعا جديدا، يحمل اسم «آية الله»، وهو مبدأ لا يختلف عن التسليم المجوسي العتيق بأن كسرى فارس كان إلها، أو على اتصال مباشر بالإله. أتت رايات الفرس تكرارا إلى الجزيرة العربية على ظهور بغال خونة، كان امتداد فارس دوما مسبوقا بوجود كتلة بشرية على الأطراف الغربية من الخليج العربي، وهو ما تعتقد إيران الصفوية إمكانية إعادة صياغته على أكتاف المذهب الشيعي، لكننا نعتقد، بل نؤمن بأن غالبية «شيعة العرب» أبرياء من مشاركة الفرس أحلامهم، وأنهم أول من يكسر «خشم» الحلم الفارسي. تستميت إيران في نشر المذهب الشيعي وتحريفه، ليس إيمانا به، بقدر اعتقادها بأنه وسط ووسيط يسمح لها باقتلاع العروبة من قلب كل شيعي، ذلك وهم كبير، حتى لو لبس بعض الشيعة عباءة وعمامة فارسيتين كانتا في الأصل لباس العرب، وسرقهما الفرس كما سرقت إسرائيل «التبولة» وادعت بأنها وصفة غذاء يهودية. يصعب على العربي العيش في إيران حاليا، زائرا كان أو مواطنا أصيلا، لأنها - حكومة وفرس - بيئة طاردة له، حتى لو كان شيعي المعتقد، صادق الاعتقاد، فإيران لا تستوعب العربي إلا مؤقتا وعلى مضض، أثناء فترة كونه «طالبا، دارسا للمذهب الشيعي» رغبة في تحويله إلى مصاص سموم، أو متبرك بأضرحتها، ثم تعيده إلى الوطن العربي، لأن مهمته الأساسية - في التصنيف الإيراني - لا تشمل تحويله إلى «شيعي مسلم» بل إلى إيراني في بلاد العرب يمهد طريقا وعرا مسلكه للعسكر الفرس. تتهشم أطماع إيران على صخرة الحقيقة الناصعة، ما فشل فيه كسرى المجوس لن ينجح فيه كسرى الملالي حتى لو تشيع كل عرب الجزيرة العربية، فالتشيع ليس خيانة للوطن، طالما كان الدم العربي عصيا على الغزاة الفرس حتى لو توهموا. @jeddah9000