عبدالعزيز بن سعود يجري اتصالاً هاتفيًا بوزير داخلية قطر    معرض الدفاع العالمي يشهد إقبالاً عالمياً واسعاً على المشاركة في النسخة الثالثة    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    أمير تبوك الخطاب الملكي تأكيد للنهج القويم للمملكة داخليًا وخارجيًا    رئيس مجلس الشورى: دعم القيادة الحكيمة للمجلس امتداد لرؤيتها في تعزيز مسيرة التنمية    الأمير فهد بن جلوي توَّج الملاك الفائزين في تاسع أيام المهرجان    المرور: التمهل قبل الدخول إلى الطرق الرئيسية يحد من الحوادث المرورية    سوق تمور المدينة يبدأ بالتصدير ومزاد خيري    حرس الحدود في حقل تضبط مواطن مخالف للائحة الأمن والسلامة لمزاولي الأنشطة البحرية    ولي العهد تحت قبة الشورى: سعينا مستمر لخدمة المواطن وزيادة دخله ورفع مستوى الخدمات وتحسين جودة الحياة    أمير القصيم يتسلم تقرير جمعية طهور    وسط حضور جماهيري كبير .. الأخضر السعودي تحت 20 يتوّج بكأس الخليج    ختام بطولات الموسم الثالث من الدوري السعودي للرياضات القتالية الإلكترونية    الجناح الأوروغوياني لوتشيانو رودريغيز يقود هجوم نيوم    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة "أمان"    القبض على مقيم باكستاني في نجران لترويجه مادة الحشيش المخدر    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية    نائب أمير منطقة تبوك يستعرض منجزات وأعمال لجنة تراحم بالمنطقة    افتتاح المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في الشارقة    صقار المستقبل برنامج موجه للصغار    السبع العجاف والسبع السمان: قانون التحول في مسيرة الحياة    المفتي: الخطاب الملكي يحمل رسائل سامية لخدمة الوطن والإنسانية    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " ثمرة تماسك المجتمع تنمية الوطن وازدهاره"    رئيس وزراء قطر يعلن تشكيل فريق قانوني للرد على الاعتداء الإسرائيلي    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    مُحافظ الطائف يستقبل رئيس جمعية المودة للتنمية الأسرية    "Grand Arrival"تجمع كانيلو وكروفورد في لاس فيغاس استعدادًا للأمسية التاريخية    الدولار يحافظ على استقراره وسط ترقب الأسواق بيانات التضخم الحاسمة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    حساب المواطن يودع 3 مليارات ريال لمستفيدي دفعة شهر سبتمبر    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم الإسرائيلي على قطر    الإحصاء: ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 6.5% في يوليو 2025    المواقيت ومساجد الحل.. خدمات متجددة وتجربة ميسرة للحجاج    إسرائيل تشرِّع الفوضى المُقنَّعة    جلسة طارئة لمجلس الأمن اليوم    محمية الإمام تركي تُشارك في معرض كتارا الدولي    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    "الملك سعود الطبية" تطلق خدمة تخطيط القلب لمرضى الرعاية المنزلية    عيادة متنقلة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن اعتلال الشبكية الناتج عن السكري    الداخلية القطرية تعلن مقتل أحد منتسبي قوة الأمن الداخلي جراء الهجوم الإسرائيلي    موجز    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    8 مشروعات فنية تدعم «منح العلا»    يسرا تستعد لعرض فيلم «الست لما»    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين بناء على ما رفعه ولي العهد.. نائب أمير الرياض يسلم وسام الملك عبدالعزيز للدلبحي    إطلاق خدمة «بلاغ بيئي» بتطبيق توكلنا    السعودية: ندعم الحكومة السورية في إجراءات تحقيق الاستقرار.. قصف إسرائيلي لمواقع في حمص واللاذقية ودمشق    «حقيبة الرفاة».. جريمة هزت العالم    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: سلطات الاحتلال تمارس انتهاكات جسيمة ويجب محاسبتها    رقابة مشددة على نقل السكراب    نونو سانتو أول الراحلين في الموسم الجديد بإنجلترا    ولي العهد وملك الأردن يبحثان الهجوم الإسرائيلي الغاشم    أهمية إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج    تاريخ وتراث    الاتفاق يجهز ديبملي    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما يسوق باسم الأديان أكثر الأفكار خطرا
نشر في عكاظ يوم 19 - 06 - 2015

شدد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ في الجزء الثاني من حواره مع «عكاظ» على أهمية دور العلماء في حماية الشباب من الانحراف والأفكار الهدامة، محذرا من خطورة هذه الأفكار لأنها لا تخص الأفراد فحسب وإنما تطال المجتمعات بشرورها.
كما أكد أهمية جمع الكلمة ووحدة الصف ونبذ الاختلاف، لافتا إلى أن بث الفرقة وشق الصف من أهداف الأعداء فهم يشعلون الفتن لتكون طريقا وبابا مفتوحا للهيمنة على بلاد الإسلام ووسيلة إلى التفرق والاختلاف، حاثا على أهمية الاجتماع والتحذير من شؤم التفرق والاختلاف الذي يعد سببا عظيما من أسباب الذل والهوان وتسلط الأعداء علينا.
• اختل كثير من الأفهام في بعض الأمصار، وأدخل البعض في دين الله ما ليس فيه، وهناك أمور وأفكار راجت وهي تخالف الشريعة، كيف يمكن التصدي لها؟
•• نقول إن أكثر الأفكار خطرا تلك التي تسوق باسم الأديان؛ لأنها تكسبها قداسة تسترخص في سبيلها الأرواح، وحينئذ ينتقل الناس والعياذ بالله من التفرق الذي يعصم منه الدين، إلى التفرق في الدين نفسه وهذا الذي حذرنا الله عز وجل منه في قوله (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون).
فالله تعالى في هذه الآية يحذر المسلمين من أن يكونوا في دينهم، كما كان المشركون في دينهم، وتفريق دين الإسلام هو تفريق أصوله بعد اجتماعها، وهو كل تفريق يفضي بأصحابه إلى تكفير بعضهم بعضا، ومقاتلة بعضهم بعضا في الدين، وليس في الإسلام جناية أعظم عند الله تعالى بعد الكفر من تفريق الجماعة، التي بها تأتلف القلوب، وتجتمع الكلمة، كما في قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون)، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه «يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله عز وجل الذي أمر به، وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة»، كما أن الفرقة والخلاف لا يكون إلا عن جهل وهوى، كما أن الجماعة والائتلاف لا يكون إلا عن علم وتقوى.
التفرق والاختلاف
• نعم الخلاف لا يكون إلا عن جهل وهوى، لكن كيف يكون هذا التفرق وما مصير الانسياق وراء دعاته؟
•• من أهداف الأعداء إشعال الفتن لتكون طريقا وبابا مفتوحا للهيمنة على بلاد الإسلام ووسيلة إلى التفرق والاختلاف، علينا بالاجتماع ولنحذر من شؤم التفرق والاختلاف الذي يعد سببا عظيما من أسباب الذل والهوان وتسلط الأعداء علينا.
الاجتماع قوة وعزة
• خص الله هذه الأمة بخصائص معينة وميزها عن باقي الأمم، فهل هذا ما دفع أعداءها إلى محاربتها وشن الحروب ضدها؟
•• بالتأكيد، الله تعالى فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم وخصها بخصائص لم تكن لمن قبلها كما خصها بهذا الدين الذي أكمله وأتمه قال تعالى «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا» واختار الله لهم أفضل الكتب وأشرفها كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم أنبياء الله ورسله.
فأمتنا تمر بمنعرج عظيم وخطير جدا، تحديات من أعداء الإسلام على اختلاف أصنافهم يسعون لإيقاع الفتن بين المسلمين، والعداوة بين أفراد الأمة ليشغلوهم بهذه الفتن عن مصالحهم وخيرات دينهم ودنياهم ليصدوهم عن سبيل الله وليجعلوهم أمة مشغولة دائما بخلافاتها ونزاعاتها وتفرقها، والله جل وعلا يقول لكم «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، وأعود فأقول إن في التفرق ذلا وهوانا وفي الاجتماع قوة وعزة ونستشهد بقول الله جل وعلا في هذا الجانب (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين).
هذا الأمر يوجب علينا معشر المسلمين أن نعود إلى رشدنا وأن نتمسك بكتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، أما هذه الجراح المؤلمة التي تمر ببلاد المسلمين في الشام والعراق واليمن وليبيا وغيرها فهي والله آلام محزنة ومؤلمة يعتصر القلب لها ألما وحزنا بما يشاهده من هذه المواقف السيئة وحيرة الأمة إذا لم تهتد إلى رشدها.
الاستيقاظ من الغفلة
• ذكرتم - سماحتكم - ما تمر به الأمة من ويلات وحروب، لكن ما موقف أفرادها تجاه ما يحدث؟
•• ما يمر به العالم الإسلامي والعربي موقف مؤلم، محزن جدا، حيث هذه التفجيرات وهذه الصراعات المهلكة والمدمرة، دمرت البلاد، دمرت البنية التحتية، وزراعتها وخيراتها، وخربت أرضها، أفسدت بنيتها، فرقت شملها، شتتت أبناءها، فعلى الجميع الاستيقاظ من غفلتهم والإنابة إلى ربهم والاهتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الجميع أن يعلموا أنه لا خلاص لهم من هذه الفتن والمصائب إلا بالرجوع إلى الله، وتحكيم شرعه واتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فمادام المسلمون في هذا الاختلاف والبعد عن دين الله فإن الله يقول (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد).
رسالة علماء الأمة
• لكن يبرز في هذا الجانب دور مهم لعلماء الشريعة، ألا ترون ذلك، وأين يكمن هذا الدور بالتحديد؟
•• علماء الشريعة في الأمة لهم منزلة عظيمة ورتبة كبيرة فهم ورثة الأنبياء ومصابيح الدجى وضعهم الله أمناء يعلمون الناس شريعة الله ويرفعون عنهم الجهل والظلام ويبينون لهم طريق الحلال والحرام، فآثارهم محمودة وأفعالهم في الناس مشهودة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بنصيب وافر»، ولعظم قدر أهل العلم ورفيع منزلتهم استشهد الله بهم على أجل مشهود وهو توحيد الله قال تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط...). فهم أفضل الناس منزلة وعملهم من خير الأعمال، ففي الصحيحين عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»، وفي الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وعالم ومتعلم».
ومما سبق فإن أمتنا اليوم أشد ما تكون في حاجة إلى العلم الصحيح المبني على الكتاب والسنة وفي أشد ما تكون حاجة إلى العلماء الراسخين الذين يبينون الأمور إذا اختلطت ويقمعون البدعة إذا ظهرت ويبينون سبيل الرشاد ويحذرون من الفتن والشرور.
وللعلماء الأجلاء أقول إن مجتمعنا المسلم أمانة في أعناقكم فقوموا بما أوجب الله عليكم من بيان الحق ودفع الشبهات والرد على الغلاة والجهلة الذين يريدون هدم الكيان وتشويه صورة الإسلام والمسلمين وتكسير دعائمه، فإن أشد الناس حاجة إلى البيان هم فئة الشباب المتحمسين لدين الله والذين يحتاجون الاحتواء والتوجيه فلينوا في أيديهم وافتحوا صدوركم لهم وبينوا لهم المنهج الصحيح والدين الحق وأهمية لزوم الجماعة وطاعة ولاة الأمور والرجوع إلى العلماء والأمراء في قضايا الأمة ومصيرها، قال تعالى (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به).
لقد سمع الجميع وللأسف الشديد ما تقوم به طائفة من الناس وشرذمة قليلة ممن ضلوا الطريق وتنكبوا السبيل وانحرفت أفكارهم وغسلت أدمغتهم وأثر على عقولهم فكفروا العلماء والحكام وأجازوا لأنفسهم القتل والترويع واستباحة الدماء باسم الدين ونصرته، وانساق معهم شباب متحمسون استغل هؤلاء الغلاة حماسهم وحبهم لدينهم فأوردوهم المهالك وضلوا بهم السبيل، ومع الأسف فهم يعتقدون صواب أنفسهم وصحة طريقهم فلعب الشيطان بأفكارهم حتى ظنوا أنهم بفعلهم هذا يصلحون ولا يفسدون، وقد قال تعالى (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء)، فالواجب الحذر من هؤلاء والتحذير منهم، والوقوف مع ولاة الأمر في دفع شرهم حفظا لكيان الأمة واستبقاء لعزها ونصرها وعلى المسلمين عموما أن يكونوا يدا واحدة وصفا واحدا ممن يأتي ليهدم وحدتهم ويخترق صفهم ويزعزع أمنهم.
بيان الشرور
• هل الدور في التحذير من شرور هؤلاء ينحصر في العلماء أم أن هناك جهات وأفرادا آخرين مسؤولون عن حماية الجيل وتحصينه ضد الأفكار المتطرفة وبيان شرور الغلاة المتطرفين؟
•• إضافة إلى واجب العلماء الكبير فإن هناك دور وواجب كبير على الآباء والأمهات بحسن التربية ومتابعة أبنائهم إلى أين يذهبون وبمن يختلطون، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول «فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، ومن محاسن هذه البلاد المباركة وفضائلها قيامها بإنشاء الجامعات والكليات ورعايتها ودعمها للجمعيات العلمية والمراكز البحثية والمجامع الفقهية ليلتقي العلماء بعضهم ببعض يتبادلون الآراء ويعقدون اللقاءات والحلقات العلمية وينشرون الأبحاث والكتب النافعة والمفيدة، فهذه كلها مفيدة في بيان شرور المفسدين وأهل الضلال.
إطلاق التكفير
• الجماعات المتطرفة انتهجت في أدائها وأفكارها التكفير تمهيدا لاستباحة الدماء، ويظهر هذا جليا في كثير من الوقائع الحاصلة في عالمنا هذه الأيام، كيف يمكن أن نرد ونوضح هذه النقطة؟
•• إذا كانت النصوص الشرعية تحرم سب المسلم وتحرم قذفه وتحرم السخرية به ولعنه فكيف بإخراجه من دائرة الإسلام؟ هذا أعظم خطرا وأشد، ولذا جاءت النصوص من الكتاب والسنة تحرم إطلاق الكفر على المسلم بمجرد الظن والهوى بغير علم، وتمنع من ذلك حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه، ولا بد أن يبين للمسلم أضرار التكفير وأخطاره وضوابطه وكيف علاج هذه الظاهرة. نصوص الكتاب والسنة جاءت باحترام أعراض المسلمين واحترام دين المسلمين حتى يكون المسلم على بصيرة من أمره قال جل وعلا (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا)، فنهاهم أن يطلقوا الكفر على من تظاهر الإسلام حتى يأتي بحقيقة الأمر، فإن من أعلن إسلامه وجب علينا قبول إسلامه والحكم عليه بالإسلام ظاهرا إلى أن يأتي ما يناقض ذلك، قال جل وعلا (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا)، ورمي المسلم بالكفر من أعظم الأذى والإيلام له، قال جل وعلا محذرا لنا أن نحكم على الأمور بلا علم ولا بصيرة (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)، وسنة محمد - صلى الله عليه وسلم - منعت المسلم من إطلاق الكفر بمجرد الهوى والظنون والتخرصات، وفي الصحيحين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر . فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه»، أي إذا قلت لإنسان يا كافر فإنه يبوء بها إما أنت أو هو، فإن كان ليس كذلك رجع ذلك الإثم عليك فيخشى عليك من أن تكون كافرا بعد إسلامك، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دعا رجلا بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه» فإذا قلت لإنسان يا كافر أو قلت: يا عدو الله وهو ليس كذلك فإن إثم ذلك يرجع إليك فيخشى عليك والعياذ بالله من أن تقع في الإثم العظيم فإن لفظ عدو الله لا تطلق إلا على من خالف الإسلام لأن المؤمن وإن قصر وإن أخل بشيء لكن لا يستحق أن يقال عدو الله فإن العدو لله المناوئ لدينه المبغض لشريعته، قل يا عدو نفسك أو نحو ذلك واحذر من إطلاق هذا اللفظ بلا روية فإن ذلك إثم عظيم.
يضر بالفرد والجماعة
• ولم كان التكفير أمرا خطيرا لهذه الدرجة، وما رابط هذا الأمر بجرائم القتل والتدمير وخلافها؟
•• هناك أخطار عظيمة تترتب على التكفير، فآثاره تضر بالفرد والجماعة المسلمة وعلى الإسلام عموما، فضرره على الفرد إذا حكم عليه بالكفر فمعناه أنه حكم عليه بردته والخلود في النار والتفريق بينه وبين امرأته ولم تجعل له ولاية على أولاده ولا الميراث بينهم ولا تصلي عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يكون التوارث بينه وبين أبنائه وزوجته لأنه حكم عليه بالكفر فيترتب على هذا الحكم أمور كثيرة.
ذلك خطر عظيم ثم إنك إن واجهت هذا الشخص بالكفر من قبل أن تدعوه إلى الله تقنطه من رحمة الله وتجعله يصر ويعاند ولا يقبل منك ما تدعوه إليه. وأما ضرره على الجماعة المسلمة فإنه يشتت الكلمة ويفرق الصف ويغرس العداوة والبغضاء في النفوس ويخالف ما تدعو الشريعة إليه من التعاون والتناصر وإصلاح الأخطاء وتقويم ما اعوج من السلوك ويغلق باب التناصح والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، إذ الداعي إلى الله لا يهمه التكفير وإنما مبدأه الإصلاح والتبصير والترغيب في الإسلام وبيان محاسنه وفضائله ودعوة الناس إليه هذا هو المطلوب منه أولا أما أن يواجه الناس بالتكفير من قبل أن يبلغ حجة الله ويقيم عليهم الحجة فهذا أمر خطير يترتب عليه مفاسد عظيمة.
وأما ضرره على الإسلام عموما فإن هؤلاء الذين يكفرون الناس بلا حجة يشوهون سمعة الإسلام ويظهرون أن دين الإسلام دين الإرهاب وسفك الدماء وانتهاك الأعراض ونهب الأموال ويشوهون صورة الإسلام بما يحدثونه من هذا، إذ هذه الكلمة تسبب لهم عدم احترام الدماء والأموال والأعراض حيث حكموا بالكفر فرتبوا على هذا الكفر ما يقصدون وما يريدون وهذا أمر خطير بل هذا مذهب الخوارج الذين حذرنا منهم نبينا - صلى الله عليه وسلم - إذ أخبرنا أننا نحقر صلاتنا عند صلاتهم وقراءتنا عند قراءتهم ولكنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» فهؤلاء مجتهدون في الصلاة والتلاوة والتهجد لكن ضاقت صدورهم من سعة رحمة الله وفضله فكفروا المسلمين بمجرد الخطأ ورتبوا على هذا أمورا عظيمة سلوا سيوفهم على أهل الإسلام وأمسكوا عن أهل الأوثان فما رفعت الخوارج راية للإسلام وما غدت في سبيل الله ولكن شرهم على أهل الإسلام قديما وحديثا.
علاج الظاهرة
• وكيف علاجها إذن؟
•• علاجها يكون بتوعية المجتمع المسلم سواء كان من المعلمين والمعلمات أو من خطباء المساجد أو في وسائل الإعلام المختلفة أن نوضح لهم خطر هذا المنهج وضرره ومساوئه ومفاسده في الحاضر والمستقبل وأن يكون التوعية والتربية الصالحة على الخير لا على هذا الأمر الخطير لنكون على بصيرة من أمرنا وأن نعالج الأفراد الذين وقعوا فيما وقعوا فيه بأن نزيل عنهم الشبه والغشاوة التي طرأت عليهم وأن نوضح لهم الحق وأن الداعي إلى الله يكون همه وغايته إقامة الحجة والدعوة إلى الله والترغيب في الإسلام وهذا هو المطلوب منه، فكم من أناس انخدعوا واغتروا بدعاة ضلال وفساد ظنوا أنهم على خير وأنهم محقون ولكنهم في الحقيقة مسيئون لهم فساءت أفهامهم وقل إدراكهم فلا بد من معالجة الأفراد بالتوجيه وإقامة الحجة وإزالة كل الغشاوة التي علقت بأذهانهم.
• كلمة أخيرة
•• أشكر صحيفة «عكاظ» على هذا اللقاء، ونحن معها دائما على تعاون قديم بين آونة وأخرى ونسأل الله لها التوفيق وأن تكون صحيفة ناطقة بالحق مدافعة عن الدين رادة عن شبه المشبهين ولها أثر في درء الفتنة وتبصير المجتمع بالخير.
حفيد الإمام المجدّد .. مسيرة حافلة في خدمة الدعوة
سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء منذ يوم 30 محرم 1420ه عقب وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز «رحمه الله».
ولد يوم 24 من ذي الحجة 1361ه في الرياض، وهو حفيد الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب الذي ترجع أصوله إلى قبيلة بني تميم، وكان منذ ولادته يعاني من ضعف البصر حتى فقده عام 1380 ه.
بدأ سماحته طلب العلم في دراسة القرآن الكريم بمسجد «أحمد بن سنان» حيث حفظ القرآن وعمره لا يتجاوز اثني عشر عاما، ثم طلب العلم من بعض كبار العلماء في الدروس والحلقات التربوية أمثال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ الذي قرأ عليه كتاب التوحيد والأصول الثلاثة والأربعين النووية.
وفي عام 1374 ه التحق بمعهد إمام الدعوة العلمي بالرياض، ثم حصل على شهادة الليسانس في العلوم الشرعية واللغة العربية من كلية الشريعة عام 1383ه ..، وهو متزوج ولديه أربعة أبناء هم: عبد الله «عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء» ، ومحمد، وعمر ، وعبد الرحمن.
بدأ المفتي العام مشواره العملي من خلال التدرج في العديد من المناصب الأكاديمية بالجامعات حيث تم تعيينه مدرسا في معهد إمام الدعوة بالرياض حتى عام 1391 ه ، ثم انتقل كأستاذ مساعد في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود. بالإضافة إلى التدريس بالمعهد العالي للقضاء، والإشراف على مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه في كلية الشريعة بجامعة أم القرى وكلية أصول الدين والمعهد العالي للقضاء. إلى جانب العمل الأكاديمي، حيث تدرج في عدد من المناصب فقد عين عام 1401ه إماما لمسجد نمرة بعرفة، وفي عام 1406 ه، أصبح عضوا في هيئة كبار العلماء ثم صدر قرار بتعيينه عضوا متفرغا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عام 1411 ه ، كما تولى إمامة وخطابة جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض حتى صدر أمر عام 1415ه بتعيينه نائبا للمفتي العام.. وفي 30 محرم 1420ه عين مفتيا عاما..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.