الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس قدم درسا في شرح سورة الطور معرفا السورة، وورد من فضائلها حديث محمد بن جبير بن مقعد رضي الله عنهما قال: «صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ في المغرب سورة الطور فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه». موضحا أن الله أقسم في الآيات بخمسة أمور، مشتملة على الحكم الجليلة، على البعث والجزاء للمتقين والمكذبين، فأقسم بالطور وعنده كلم الله نبيه موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام. البيت المعمور انتقل الشيخ إلى الآية الثانية (وكتاب مسطور) وهو القسم الثاني الذي أقسم الله به ويحتمل أن المراد به اللوح المحفوظ، وقال في تفسير قوله: (في رق) أي: ورق أو لوح وغيره من الأشياء التي يكتب عليها و(منشور) أي: مكتوب مسطر. ثم انتقل للقسم الثالث (والبيت المعمور) وهو البيت الذي وضعه الله فوق السماء السابعة، والمعمور مدى الأوقات بالملائكة الكرام، الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يتعبدون فيه لربهم ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة . وأكمل السديس شرح القسم الرابع في الآية (والسقف المرفوع) وهي السماء، التي جعلها الله سقفا للمخلوقات وفيه دليل على العلو، وبناء للأرض،تستمد منها أنواره. وفي القسم الخامس قوله تعالى: (والبحر المسجور) وهو المملوء بالماء، وقد سجره الله، ومنعه من أن يفيض على وجه الأرض، مع أن مقتضى الطبيعة، أن يغمر وجه الأرض، ولكن حكمته اقتضت أن يمنعه عن الجريان والفيضان، ليعيش من على وجه الأرض. الوعيد بالعذاب أما في هذه الآية فقال إن الله انتقل من القسم في الآيات السابقة لتأكيد الوعيد بالعذاب المؤكد لا محالة أي أن هذه الأشياء التي أقسم الله بها، مما يدل على أنها من آيات الله وهي أدلة على توحيد الله وعلى براهين قدرته وبعثه للأموات في قوله تعالى (إن عذاب ربك لواقع) أي أنه لا بد له أن يقع، ولا يخلف الله وعده ثم أستكمل تفسيره لقوله تعالى في الآية الكريمة (ما له من دافع) أي لا مانع يمنع الله. ثم انتقل للحديث عن الوعيد الشديد في قوله تعالى: «فويل يومئذ للمكذبين» والويل: كلمة جامعة لكل عقوبة وحزن وعذاب وخوف والويل واد في جهنم حيث ذكر ما ذكره الإمام السعدي من وصف الله تعالى للمكذبين الذين استحقوا به الويل، فقال في الآية (الذين هم في خوض يلعبون) أي: خوض في الباطل ولعب به. سوقا عنيفا السديس انتقل إلى الآية (يوم يدعون إلى نار جهنم دعا) أي: يوم يدفعون إليها دفعا، ويساقون إليها سوقا عنيفا، ويجرون على وجوههم وهم في ذل وهوان. ثم أوضح ما قاله الله لهم ويقال لهم توبيخا ولوما في الآية التالية) هذه النار التي كنتم بها تكذبون (فاليوم ذوقوا عذاب الخلد الذي لا يبلغ قدره، ولا يوصف أمره). وأضاف في تفسير قوله تعالى: (أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون) يحتمل أن الإشارة إلى النار والعذاب، كما يدل عليه سياق الآية. واختتم الدرس بقوله تعالى (اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون)، (اصلوها) أي: ادخلوا النار على وجه تحيط بكم، وتستوعب جميع أبدانكم وتطلع على أفئدتكم وفي قوله (فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم) أي: لا يفيدكم الصبر على النار شيئا، ولا يتأسى بعضكم ببعض، ولا يخفف عنكم العذاب، وليست من الأمور التي إذا صبر العبد عليها هانت مشقتها وزالت شدتها. وإنما فعل بهم ذلك، بسبب أعمالهم الخبيثة.