يتوارى خلف ستار العنوسة مليون ونصف المليون فتاة فاتهن قطار الزواج وحلم تكوين أسرة، بعدما عزف الكثير من الشبان عن الارتباط نظرا لارتفاع التكاليف وعدم المقدرة على تأمين النفقات المالية المطلوبة للاقتران بالطرف الآخر وتحقيق الاستقرار العائلي. وفيما ينتظر العانسات نصيبهن لاتزال تكاليف الزفاف آخذة في الارتفاع عاما تلو الآخر حبا في المظاهر ما يعكس آثارا سلبية على المجتمع في القريب العاجل. يقول إبراهيم الزبيدي: «بعض الشباب يعزف عن الزواج نتيجة لارتفاع التكاليف، التي وصلت إلى مبالغ خيالية في وقتنا الحاضر، سعيا وراء المظاهر التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فالكثير من الأهالي يطلبون مهورا عالية، وطلبات مكلفة من قاعات أفراح باهظة الثمن، وأثات غال، والعديد من المطالب التي تثقل كاهل الشاب، ولا يستطيع توفيرها بسهولة». ويوافقه عمر أبو الفرع الرأي مضيفا: «لا يمكن للشخص أن ينعم بالراحة والاستقرار في عش الزوجية وهو يبدأ حياته، غارقا في الديون، مثقلا بالهموم المادية، ناهيك عن المصاريف التي يتكبدها بعد ذلك، أثناء الولادة، ونفقات الرعاية، وغيرها من النفقات التي تفوق طاقته». ويرى وليد الزهراني، بأن الأمر لا يقتصر على تكاليف ما قبل الزواج فقط، بل ويتجاوزها إلى تكاليف ما بعد الزواج والتي تغرق الشاب في بداية حياته في ديون تثقل كاهله خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار ارتفاع أسعار الإيجارات، وغلاء المعيشة، مما يضطر الشاب إلى الاستدانة مرة أخرى، ويجعل حياته دوامة من المطالب التي لا تنتهي. ويشير عبدالملك هوساوي إلى أن الشبان لا يمتلكون سيولة مالية جيدة في بداية حياتهم، والقروض التي يقدمها بنك التسليف لا تكفي، كما أن بعض الشباب يتقاضى رواتب ضعيفة، وبالتالي لا يستطيع أن يؤسس أسرة مستقرة. أسامة الغامدي يقول «للأسف معظم نفقات الزواج التي تطلبها الأسر غير ضرورية، وتهتم بالمظاهر فقط وتغفل أن الزواج راحة واستقرار للإنسان ليجد نصفه الثاني، وليس ليغرق في دوامة من اليأس والديون التي تتجاوز مقدرته المادية». ويطالب تركي الشهري بتخفيض المهور، وتيسير الأمور للشبان المقبلين على الزواج حتى يقترنوا بشريكات حياتهم بنفس مطمئنة، دون الشعور بوطأة الديون. ومن جانبه، يشدد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور محمد الوهيد، على ضرورة إعادة النظر في تكاليف الزواج التي ارتفعت كثيرا في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن تكاليف الزواج في مناطق البادية ترتفع عن القرى والمدن (طبقا لإحدى الدراسات السابقة التي تم إجراؤها على مستوى المملكة، والتي شارك بها أكثر من 100 فريق)، كما أن إحدى الدراسات تشير إلى أن عدد العنوسة بين الفتيات السعوديات يصل إلى 1500.000 فتاة عانس، وطبقا للدراسة فمن المتوقع أن يتضاعف الرقم في السنوات القادمة، ما لم نقم بإيجاد حلول لتلك المشكلة، التي تلعب ارتفاع تكاليف الزواح دورا بارزا فيها (مقارنة بمحدودية دخل الشاب في بداية مشواره الوظيفي)؛ لذا نطالب الأسر بإعادة النظر في تكاليف الزواج التي ارتفعت بشكل ملحوظ، وباتت تسبب نوعا من العزوف لدى الشباب، خصوصا محدودي الدخل منهم. وأضاف الشاب يبحث عن الزواج، ليجد الراحة والاستقرار الذي يريده. ووجود أي معوقات مادية أو خلافها سيزيد من نسبة العنوسة في المجتمع. ومن هذا المنطلق نطالب الأسر بالرجوع إلى تعاليم ديننا الحنيف الذي حثنا على تخفيض المهور، حيث كان الشخص يتزوج بأقل مهر ممكن. والمهر يستحيل تقييده بحال من الأحوال، ولكن نتمنى من الأسر أن تراعي ظروف الشاب الذي يتقدم لخطبة ابنتها، ليحقق الزواج الغاية المنشودة منه، ويترجم الشراكة والتعاون والاستقرار اللازم لكلا الطرفين.