عندما يحضر «الديني» دائما وبقوة في مجتمعنا فلا غرابة في ذلك؛ لأنه مجتمع متمسك بالدين ويضعه نصب عينيه في كل شؤون حياته، ويحترم الرمز الديني ويثق به ويتبعه في كل ما يقول ويفعل، لكن المشكلة أن الرمز الديني مر بأطوار وتحولات وصلت إلى ضرورة التساؤل عن ماهية الأدوار التي أضافها إلى دوره الأساسي. «المطوع» الطيب البسيط الذي كان يعيش معنا ويدعونا إلى الصلاة في وقتها، ويجوب ملاعب طفولتنا ويضرب بخيزرانته «برفق» كل طفل لم يتأهب للصلاة، لم يعد ذلك. الإمام الذي كان يخطب في صلاة الجمعة ويذكرنا بمحاسن الأخلاق وصلة الرحم وعبادة الله، لم يعد ذلك الإمام. والداعية الذي كان يأتي بين وقت وآخر يجوب القرى ليفقه الناس بدين الله لم يعد ذلك الداعية. سؤالي لمعالي وزير الشؤون الإسلامية: ترى ماذا سيقول المطوع والإمام والداعية يوم غد في صلاة الجمعة؟؟ بالتأكيد لن نسمع المطوع التقليدي الذي ألفناه في طفولتنا لأنه شبه منقرض، ولن نسمع الداعية بالحسنى الذي اعتدناه لأن معظم الدعاة مشغولون بالتزاماتهم مع الفضائيات، ولن نسمع إمام الجمعة الذي كان ينهي الخطبة بدعاء الصلاح للناس وحفظ الأوطان من المكاره. خطباء منابر الجمعة الآن موظفون أنتم الذين اخترتموهم ومنحتموهم الثقة، ولهذا السبب أنا أخاطب وزارتكم من خلالك. هل بالإمكان، يا معالي الوزير، أن تستعدوا لإعداد إحصائية (هذه الجمعة بالذات) لمحتوى خطبة كل إمام في جوامع المملكة، وتفنيد محتوى خطبته؟ نريد أن تحسموا الأمر، يا معالي الوزير، نريد منكم فرز الذي: يدعو الله كي يحفظ الأمة، ولا يذكر الوطن من قريب أو بعيد. ومن يدعو الله إلى نصرة المجاهدين، ولا يدعو لنصرة رجال أمننا الذين يصدون المكائد عن الوطن. نريد، يا معالي الوزير، إحصاء عدد الجوامع التي جاء فيها ذكر جريمة شرورة والتأكيد على إرهاب مرتكبيها، وذكر خطر السكوت عن توضيح حقيقة المجرمين بحق الوطن والتواطؤ معهم أو السكوت عنهم. نريد أن نعرف أي منبر يصدح ضمنا بدولة الخلافة وأي منبر يصدح بواجب حب الوطن والذود عنه وحمايته من المفسدين. نريد أن نعرف السحنات التي تتباكى في حضرة الله وهي تخون أهم ما أوصانا الله به. نريد أن نعرف في هذه الجمعة بالذات ماذا أنتم فاعلون إزاء بعض المنابر.