النجاحات التي تقدمها وزارة الداخلية تباعا على المستويات المحلية والعالمية منذ عقود من الزمان تؤكد على البعد الاستراتيجي المستحق الذي تحمله هذه الوزارة. وإذا كان نجاح المملكة في القضاء على الفئة الضالة وفلول الإرهاب وخلايا القاعدة قد أصبح اليوم أنموذجا أمنيا متميزا فإنه محسوب هو الآخر إلى نجاحات وزارة الداخلية المتتابعة. كثيرون هم أولئك الذين يتحدثون عن قضايا وحوادث تقع في أطراف وزوايا مملكتنا الشاسعة الواسعة. إلا أننا نفاجأ بسرعة القبض والكشف عن هذه الجرائم في أزمان قياسية لا تتجاوز الساعات. من الجدير أن نشيد بإنجازات الداخلية المتعددة في ملاحقة قضايا المخدرات والسرقات والنصب والاحتيال وانتهاء بالقتل والاختطاف. إلا أنه في ذات الوقت يطرح تساؤل مهم عن كثرة الحديث عن تزايد معدلات الجريمة في السعودية. والصحف ووسائل الإعلام تسوق يوميا معدلات مريبة وخطيرة ومزعجة عن الجرائم وانتشارها. إحدى الإحصائيات تقول إن معدلات الجريمة بالنسبة للفتيات قد زادت بما نسبته 64 في المائة مقابل 36 في المائة بالنسبة للعائدات من الجريمة، وإحصائية أخرى تقدمها شرطة منطقة الرياض أنه خلال إحدى الحملات تم العثور على 1017 سيارة مسروقة. حالات الابتزاز الأخلاقي تجاوزت خلال ستة أشهر ثلاثة وعشرين ألف حالة ابتزاز. هذه بعض من تلك الإحصاءات التي تنشرها الصحف أخيرا. لقد قامت وزارة الداخلية مشكورة بإنشاء مركز مكافحة الجريمة منذ 1394ه وكان من أولويات مهامه :- إعداد تقارير شهرية ودورية وسنوية عن الجريمة في المملكة وتتبع له إدارة تسمى إدارة المعلومات والدراسات والبحوث وهي معنية بمتابعة المعلومات المتعلقة بالجريمة ورصدها بدقة. كما أنها معنية بدراسة الجريمة وأسبابها والتعرف على العوامل البيئية والتربوية والاجتماعية التي تسبب الانحرافات السلوكية والإجرامية. إن هذه المنظومة الرائدة لا أدري ما علاقتها الآن بمراكز المعلومات المتوفرة في هيئة التحقيق والإدعاء العام. وهي جهة الاختصاص في رصد الجريمة والتحقيق فيها وتقديمها للعدالة. إنها في نظري تحتاج إلى زيادة تفعيل وهو مركز أرى من الضروري أن يتم تطويره ضمن أجهزة وزارة الداخلية المهمة. إن المملكة العربية السعودية وهي ذات المساحة الكبرى وتحديات تتمثل في أعداد الوافدين المتزايدة والشبكات الإجرامية التي تتربص بهذه البلاد شرا وشبابها معنية بتقديم دراسات سريعة عن الجريمة ومعدلاتها وأسباب انتشارها واستنهاض الجهات التعليمية والتربوية في إيجاد الحلول لمثل هذه المشكلات وإعداد الندوات وحلقات النقاش مع الكتاب والمهتمين لدراسة هذه الظواهر وعلاجها. إن مجتمعنا السعودي بلا شك يعيش فترة مفصلية مهمة وتغيرات جوهرية في تركيبته السكانية والعمرية مما يستدعي الالتفات بجدية إلى الظروف الواقعية التي تقود إلى زيادة معدلات الجريمة ومعالجتها. كما أن من المهم إيجاد إدارات خاصة في كل منطقة تابعة لهيئة التحقيق والإدعاء لدراسة الظواهر الإجرامية المنتشرة وتقديمها للجهات المختصة وتفعيل دور المدرسة والمسجد في ذلك. لقد آن الأوان أن يواجه المجتمع بسلبياته وتقصيره. فما معنى أن ظاهرة كثرة السرقات للسيارات تصدر من شباب أعمارهم تقل عن عشرين عاما؟ مما يؤكد غياب الرقابة الأسرية والضبط الأبوي من قبل الوالدين. إن الشفافية التي تقدمها وزارة الداخلية عبر المتحدثين الناطقين باسمها تقود حتما إلى مزيد من المصارحة حول مسببات ارتفاع معدلات الجريمة خصوصا في أوساط الشباب. كما أن الشفافية ذاتها تحتم الكشف عن المناطق ذات المعدلات الأعلى في الجريمة من بين مناطق المملكة ليتسنى لاحقا الكشف عن المسببات لذلك. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة