ترسم إرادة الله أقدار البشر، وتحدد مساراتهم في علم الغيب، لتظل لهم اختيارات محدودة، لا تتعارض مع التوكل، ولا تتصادم مع الاستسلام لما تيسّر من سُبل الرحمة واللُّطف الرباني. ولم تخل سيرة إمام الحرمين الشريفين الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي من مظاهر العناية، ببركة رضا الوالدين، والنوايا الصالحة، ودعوة صادفت ساعة إجابة، فالشيخ درس في القسم العلمي، وتفوّق في دراسة العلوم، إلا أن مشيئة الله، ثم بركة القرآن الكريم، أعادته للمسار الشرعي، ليرتّل آي الذكر الحكيم في أطهر البقاع، ويتعلق ملايين المسلمين بكيمياء الصوت. وُلد الدكتور عبدالبارئ بن عواض بن علي بن محمد الثبيتي في مكةالمكرمة عام 1380ه، ونشأ بها وتلقى تعليمه الأولي والثانوي في مدارسها، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، والتحق بعدها بمعهد دار الأرقم بن أبي الأرقم لدراسة العلوم الشرعية في الحرم المكي الشريف سنة 1389ه. وحاز على درجة الليسانس في تخصص العلوم من جامعة الملك عبدالعزيز عام 1404ه، ثم الدبلوم العالي في الشريعة بتقدير ممتاز من جامعة أم القرى عام 1409ه، وحصل على درجة الماجستير في الشريعة بتقدير ممتاز من نفس الجامعة عام 1415ه، ولاحقاً نال الدرجة العالمية العالية (الدكتوراه) في الفقه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة عام 1422ه. ومن إنجازات الشيخ فوزه بالمركز الأول في المسابقة المحلية لحفظ القرآن الكريم وتجويده على مستوى المملكة، والمركز الأول في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده، وعمل مدرساً لتحفيظ القرآن الكريم، ولم يتجاوز التاسعة من عمره، واستمر عمله لمدة ستة أعوام متتالية، وابتُعث إلى خارج المملكة عام 1397ه ولم يتجاوز عمره 17 سنة من قبل جماعة تحفيظ القرآن الكريم بمكةالمكرمة لإمامة المسلمين في صلاة التراويح لشهر رمضان المبارك في أحد المراكز الإسلامية في بريطانيا، وعمل إماماً في أحد مساجد مكة وهو في العقد الثاني من عمره، واشتغل في التعليم العام، ثم وكيلاً لثانوية النهروان في جدة سنة 1411ه، ثم عُين مديراً لثانوية ومتوسطة تحفيظ القرآن الكريم في جدة لسنتي 1412-1413ه، ثم عُين محاضراً بكلية إعداد المعلمين فرع المدينةالمنورة، وأستاذاً مشاركاً في معهد الأئمة والخطباء بجامعة طيبة بالمدينةالمنورة. وصدر الأمر بتعيينه إماماً للمصلين في الحرم المكي الشريف في صلاتي التراويح والقيام عام 1410ه واستمر في إمامة المصلين أربع سنوات، ثم صدر عام 1414ه أمر بتعيينه إماماً وخطيباً بالمسجد النبوي الشريف. وكان الشيخ عبدالبارئ عضواً ورئيس اللجنة التنفيذية بمجلس أمناء وقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لوالديه بالمدينة، ونائب رئيس مجلس إدارة جامعة العالمية بماليزيا (نظام التعليم عن بعد) ورئيس اللجنة التنفيذية بالجامعة، والمشرف على القرية النموذجية لرعاية الأيتام بمنطقة المدينةالمنورة من عام 1432-1434ه، وأمين عام الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية بالمدينةالمنورة، والأمين العام لمجلس التنسيق بين الجمعيات الخيرية بمنطقة المدينةالمنورة، ورئيس مجلس إدارة جمعية أسرتي، الجمعية الخيرية للزواج ورعاية الأسرة بمنطقة المدينةالمنورة.