إغلاق منشأة تسببت في حالات تسمم غذائي بالرياض    الأحمدي يكتب.. الهلال يجدد عقد السعادة بحضور جماهيره    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    شركة TCL توحّد على نحو استباقي شركائها العالميين من أجل تحقيق العظمة في مؤتمر الشركاء العالميين لعام 2024    انخفاض معدلات البطالة لمستويات تاريخية    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 686 مليون ريال    وفاة الأمير منصور بن بدر    ليستر سيتي يعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز    اختتام المرحلة الأولى من دورة المدربين النخبة الشباب    اخجلوا إن بقي خجل!    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    الإعلان عن تفعيل الاستثمارات المباشرة وانطلاق العمل الفعلي في صندوق "جَسور" الاستثماري    "الشؤون الإسلامية" ترصد عددًا من الاختلاسات لكهرباء ومياه بعض المساجد في جدة    رؤية الأجيال    وزيرة الدفاع الإسبانية: إسبانيا ستزود أوكرانيا بصواريخ باتريوت    منتخب اليد يتوشح ذهب الألعاب الخليجية    الأهلي المصري يضرب موعدًا مع الترجي التونسي في نهائي دوري أبطال إفريقيا    ريال مدريد يهزم سوسيداد ويقترب من التتويج بالدوري الإسباني    الاتحاد يخسر بثلاثية أمام الشباب    «الدفاع الروسية» تعلن القضاء على ألف وخمسة جنود أوكرانيين في يوم واحد    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    المخرج العراقي خيون: المملكة تعيش زمناً ثقافياً ناهضاً    "السينما الصناعة" والفرص الضائعة    د. عبدالله العمري يستنطق «ذاكرة النص» وفضاءات نقد النقد    محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    وزير الثقافة يرفع التهنئة للقيادة بتحقيق رؤية السعودية 2030 عدة مستهدفات قبل أوانها    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    إغلاق جميع فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد عدة حالات تسمم    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    النفط يرتفع.. والذهب يتجه لأول خسارة أسبوعية    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    نائب أمير منطقة تبوك يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة إنجازات مستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    «الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    تفكيك السياسة الغربية    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    مقال «مقري عليه» !    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تِغني عن القصر عُشة
نشر في عكاظ يوم 28 - 01 - 2022

المقارنة بين القَصر والعُشة جائرة، فالقصر ضخم، ومُكلف، والعُشة لا تحتاج أكثر من أربع قوائم خشبية، وعوارض، وسعف نخل وأغصان شجر لتفادي السموم، والمطر، والغبار، والقيمة والعبرة، دوماً ليست بالسكن بل للساكن.
تفرض التحولات المخوفة على الأفراد والمجتمعات أنماطاً معيشية غير مألوفة، ملمحها الغالب (التقشف) وتراجع مؤشرات الدخل، ومِن غايات سياسات الترشيد، وكفاءة الإنفاق، تعزيز الاقتصاد، والحد من مظاهر البذخ والهياط، والتوفير، وتغيير مفاهيم ودلالة الكرم ومعطياته.
كان أحد أخوال أبي -رحمهم الله- واسع العلاقات، ومتعدد الصداقات، بين السراة وتهامة والبادية، وبحكم مركزية موقعه السكني بالقُرب من الأسواق، لم يكن ينقطع الضيوف عن بيته، وله ابن عم حريص على الريال، وحريز للمال، وكلما صعد ابن العم على سطح منزله، وشاهد ركايب البدو، في فناء الخال، رفع الصوت بالغِناء (والله يا اللي ما يدبِّر ليدْبَر، وتأكل الغربان من لحم ذرعانه).
ومما ورد في التخريج لحديث امتناع النبي عليه الصلاة والسلام من أكل لحم الضّبّ، تعليلُ المُخرّجين لتجنّب أكله بقوله عليه السلام (ليس بأرض قومي) ما يعني خشيته صلى الله عليه وسلم أن يُعجبه طعمه، ويلذ له، فيألفه ويفتتن به ويُدمر عليه، ثم يبحث عنه فلا يجده، فإما أن يقطع المسافات بحثاً عنه، أو يُكلّف على غيره بطلب توفيره، أو يهين نفسه بالتوسّل، أو يعيش على استرجاع ذكرى اللذة التي لم يعد بالإمكان استعادتها.
ونستفيد من حديث الضّب درساً أخلاقياً وتربوياً، في الاقتصاد، إذ لو تعوّد الإنسان، في معيشته ما لم يعتد، وتعذّر عليه دوام الحال سيقع في إشكالية، بين كلفة الترحال والسفر، أو التكليف على المعارف والأصدقاء، ومما أُثرَ عن كبار السن في منطقتنا (إذا طِري لك فايق، فارع من دونه)، والفائق المكان الخصب للرعي، لكن الذهاب له قد يكون سبباً في الهلاك.
كان أبي عليه رحمة الله، إن لاحظ مبالغات البعض في المناسبات، والأكسيات والولائم، قال (مَنْ تزيّا بزِيّ لم يتزيا به أبيه سيأتي عليه زمان يتمنى الموت فيه). بالطبع الصحيح إعرابياً في المثل (أبوه) وجرى تحويره لضرورة السجع، والمعنى عدم المبالغة، والجنوح لمضاهاة الآخرين، ورحم الله امرأً عرف قَدْرَ نفسه، وقُدراتها.
روى لي صديق أن أحد الموسرين أهدى لأحد جدوده قصراً في محافظة من المحافظات، والقصر كبير، ومتعدد الأدوار، وبه مرافق للعمالة والعاملين، وفي ظل التحوّلات الاقتصادية، وقع الجدّ في حرج كونه ينفق، على مستلزمات القصر شهرياً مبلغاً يفوق إيجار سنوي لمسكن في المدن الرئيسة؛ ما اضطره لبيع القصر، والاستعاضة عنه بشقة، له ولزوجته، كون الأبناء والبنات متزوجين ومتزوجات، ولا يحضرون جميعاً إلا في السّنة حسنة.
من أمثال المكيين (ملّيها خروق وتروق) أي إذا جاعت البطن، ممكن يهدّي جوعها أي أكل، والخروق كناية عن البالي، والشيء المستهلك، والبسيط، ما يوحي بأن البدائل متوفرة، ويمكن لأي منا قطع حبال التشهي، وليس هناك نمط معيشي يصعب تغييره.
ما أدق الأمثال الشعبية، وما أعمق دلالتها، كانت جدتي رفعة رحمها الله، إذا طلبنا ريالاً لشراء حلاوة؛ أو بسكوت ردّت بقولها (البطن ما فيه جميلة ولا معروف).
الترشيد فنّ ومهارة، ولا يعني الحرمان الكُلّي؛ للأنفس والمُعالين، بل تمثّل لتوجيه القرآن (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عُنقك، ولا تبسطها كل البسط، فتقعد ملوماً محسورا). أي؛ ملوماً حال الإمساك وغلّ اليد من السائل وممن اعتاد الأخذ منك والتعامل معك، ومحسوراً عند بسطها للتردي خجلاً وحياءً من العدم والعجز، والمتنبي يقول «الجُودُ يُفقرُ والإقدامُ قتّالُ».
وفي مثل هذه الأزمات، التي تراجعت فيها الاقتصادات، ليس من الملائم لذوي الدخول المتوسطة، والمحدودة، التوسّع في الاستهلاك، أو مجاراة ومحاكاة المُوسّع عليهم، والشركات متى ما شعُرت بخطر تُعيد الهيكلة، وتُخفّض الكُلفة، وتبحث عن مخارج آنية ومستقبلية، حتى لا يتصفّر رأس مالها.
حلول أعوام وعقود التقشف، سيناريو، دوّار ومتكرر عند الأمم والشعوب، والتدرب على التكيّف ضرورة حتمية، وإلا سيتكبد المكابر مشقة أكبر، فلا هو عوّد نفسه على حُسن ترشيد الأداء، ولا الظروف بسطت له كف المرونة بالرخاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.