قمر 14 الذي نحن بصدده هنا ليس القمر الذي يتغزل به العشاق بكونه البدر الساطع، ولكنه القمر الذي يزيد حجمه بنسبة 14 في المائة عن القمر العادي في مداره الاعتيادي طوال عقدين من الزمان. ليلة السبت الماضي شهدت السماء أول "قمر عظيم" منذ عام 1993، وذلك عندما اقترب مدار القمر إلى أقرب مسافة من الأرض، فبلغ حجمه أكبر بنحو 14 في المائة عما يكون عليه في العادة، بحيث بات واضحاً للعيان وللإنسان العادي أنه، أي القمر، كبير جداً حتى بالعين المجردة. ويطلق على النقطة التي اقترب فيها القمر إلى أقرب نقطة في مداره إلى الأرض اسم "الحضيض القمري" Perigee، أما أبعد نقطة عن الأرض فيطلق عليها اسم "نقطة الأوج" Apogee. وهذه الظاهرة الفلكية النادرة لا تتكرر إلا مرة واحدة كل عقدين تقريباً، وهو الحدث الذي كان الفلكيون ينتظرونه بشوق، فيما كان المنجمون ينتظرونه بخشية كبيرة. الباحث في مركز المراقبة الأمريكية في واشنطن، غيوف شستر،ذكر بأن هذه الظاهرة حصلت للمرة الأخيرة في مارس/آذار 1993، وبالتالي فإن ندرة حصولها تجعلها تستحق المتابعة لأنها لن تتكرر مجدداً إلا في العام 2029. وكانت الظاهرة قد بدأت بصعود القمر ليلة السبت نحو كبد السماء خلال فترة ما بعد غروب الشمس، وخلال الساعات التي تلت ذلك، بدا القمر أكبر من أي وقت، وذلك بسبب موقعه في السماء، الذي ينتج عنه ما يعرف ب"الخداع البصري للقمر" وهو رؤية القمر بحجم غير معتاد (حتى أكبر من حالة الحضيض القمري) بسبب وجوده في الأفق فوق الأشجار والأبنية. واعتباراً من السبت، كان القمر على بعد 356 ألف كيلومتر من الأرض، أي أنه في أقرب نقطة يصلها بسبب مساره البيضاوي، وبدا القمر أكبر بنسبة 14 في المائة، وأكثر لمعاناً بنحو 30 في المائة. ورغم أن علماء الفلك ينفون أي تأثير فكلي لموقع القمر على الأحداث الجارية في الأرض، إلا أن بعض المنجمين يربطون دائماً بين ظاهرة "الحضيض القمر" وبين أحداث تقع على كوكبنا، ترتبط عادة بكوارث وأزمات. على أن علماء الفلك يعتبرون أن وجود القمر في موقعه الحالي لا يلعب أي تأثير على موجات المد والجزر أو حركة قشرة الأرض، كما أنه لا يؤثر على حياة الناس العادية ولا يجلب أي فال، سواء السلبي منه أو الإيجابي، والقضية لا تعدو كونها مسألة علمية لا أكثر ولا أقل.