أنجز القمر الصناعي الأوروبي ''جوسي'' : لقياس جاذبية الأرض وفهم أفضل للمناخ ، بعد أقل من عامين على إطلاقه، مهمة قياس جاذبية الأرض ويفترض أن يوفر للباحثين سريعا بيانات مهمة جدا ليدرسوا بدقة أكبر تطور المناخ أو الزلازل. وأعلنت وكالة الفضاء الأوروبية (أيسا) أن ''القمر الصناعي سجل القياسات الضرورية للسماح بوضع خريطة عالية النوعية لشكل الأرض أكثر دقة من أي خريطة أخرى'' وستوضع في متناول الجمهور ''في الأسابيع المقبلة''. وبفضل دقة هذه الخريطة (عشرة آلاف جزء من المليار) سيتمكن علماء الجيوفيزياء والمناخ من رصد أدق بكثير للتبدلات في مستوى البحار والتيارات المائية في المحيطات وتطور الغطاء الجليدي. وخريطة شكل الأرض التي تحدثت عنها وكالة الفضاء الأوروبية هي خريطة افتراضية تمثل سطح كوكبنا الذي يفترض أن تكون الجاذبية عليه هي نفسها في غياب أي تأثير خارجي (مد وجزر وتيارات بحرية ورياح..). وبكلام آخر، أرض غير منتظمة مثل حبة بطاطا تكثر فيها الحفر والحدبات، تشكل نظام مرجع فريد يسمح بعزل تأثيرات جاذبية الأرض على غالبية الظواهر المرتبطة بالاحترار المناخي. جاذبية الأرض تتفاوت في الواقع بشكل طفيف من منطقة إلى أخرى، بسبب دوران الأرض خصوصا. وهذه الأخيرة تشكل قوة طرد مركزي أقوى في خط الاستواء منه في القطبين مما يعطي الأرض شكلا مسطحا بعض الشيء. وهذه الظاهرة مهمة إذ إنه يقدر أن الرجل صاحب الوزن المعتدل، يزن 350 جراما أكثر في القطبين منه عند خط الاستواء. وبالطريقة ذاتها فإن التفاوت في حقل الجاذبية قد يؤدي في بعض المناطق إلى تمدد المحيطات دون أن يكون ذلك مرتبطا بالاحترار المناخي (ذوبان الثلوج ارتفاع مستوى الملوحة). وهذا التأثير لا يمكن لقياس الارتفاعات عبر الرادار الذي يعطي صورة مفصلة جدا لسطح البحار، أن يعزله. وجاذبية الأرض تتراجع مع الارتفاع إلا أنها اعلى في المناطق الصخرية الكثيفة والثقيلة. وتؤثر الحركات التكتونية المسؤولة عن الزلزال وحركات الصهارة المرتبطة بالبراكين، في الجاذبية. هذه كلها عوامل تجعل من الصعب أحيانا قياس بعض الظواهر المناخية أو المائية وتؤثر في بعض التفسيرات. عمليا، ستسمح دقة قياسات القمر الصناعي هذا بوضع ''مستوى صفر'' للبحار موحد في العالم بأسره وهو أمر غير متوافر حاليا. فكل بلد أو منطقة جغرافية قد احتسبت هذا المستوى في الماضي انطلاقا من مراجع اعتباطية أو تقريبية. فعلى سبيل المثال إن المستوى الحالي المعتمد للمحيط الهادئ في أحد أطراف قناة بنما أعلى بعشرين سنتمترا من مستوى المحيط الأطلسي على الطرف الآخر. وفي فرنسا حدد المعهد الجغرافي الوطني هذا المستوى استنادا إلى متوسط قياسات أجراها بشكل متواصل من عام 1884 إلى عام 1897، مقياس المد والجزر في مرسيليا. والبيانات التي جمعها القمر الصناعي الأوروبي ستساعد كذلك على قياس أدق لارتفاع مستوى منطقة اسكندينافيا (نحو السنتيمتر الواحد سنويا) وكندا (1 إلى 2 سنتيمتر سنويا) اللتين غرقتا خلال العهد الجليدي الأخير تحت ثقل الغطاء الجليدي. وقررت كالة الفضاء الأوروبية بناء على هذه النتائج، تمديد مهمة القمر الصناعي حتى نهاية عام 2012 للتوصل إلى قياسات أكثر دقة.