يؤكد جابريل ماركيز في كتابه (مصائب مؤلف) ان تأليف الكتب مهنة انتحارية, إذ ما من مهنة غيرها تتطلب قدرا كبيرا من الوقت. وقدرا كبيرا من العمل, وقدرا كبيرا من التفاني مقارنة بفوائدها الآنية. وهو يقول: إنني لا اعتقد ان عددا كبيرا من القراء يسألون أنفسهم بعد الانتهاء من قراءة كتاب ما عن عدد الساعات المؤلمة والبلايا المنزلية التي مرت على المؤلف في أثناء تأليفه مائتي صفحة. او ما هو المبلغ الذي حصل عليه لقاء عمله. وبعد هذا الايجاز المحزن للبلايا. يبدو من الاساسي أن نسأل عن السبب الذي يدفعنا نحن الى الكتابة. والاجابة في آخر الامر. هي ميلودرامية بقدر ما هي صادقة. فالمرء بكل بساطة يكون كاتبا مثلما يكون أسود البشرة او يكون أي شيء آخر. عانى ماركيز الفاقة والحرمان ومرت به ايام كان يسد رمقه بما يجده من صناديق القمامة من بقايا اطعمة فاسدة. وكان يعجز عن شراء الحليب لطفله الرضيع واضطر ان يرسل نصف مخطوطة كتابه الذي وضعه في مصاف الادباء المرموقين فيما بعد «مائة عام من العزلة» لانه لم يكن يملك ما يكفي من المال لارسالها للناشر الارجنتيني. النجاح يحفز المرء, واقبال القراء على قراءة ما تكتب امر مشجع. ولكن ليست هذه الاشياء سوى مكاسب اضافية لان الكاتب الجيد سيظل على كل حال يكتب باستمرار. حتى إذا كان حذاؤه بحاجة الى الاصلاح. وحتى اذا كانت كتبه لا تلقى رواجا «..... جابريل جارسيا ماركيز أحد اشهر المؤلفين في العصر الحديث واغناهم الآن اذ يتقاضى خمسين الف دولار عن لقاء لا تتجاوز مدته نصف ساعة ويملك سبعة منازل فاخرة في خمس دول مختلفة. الغريب ان والده لم يكن واثقا من موهبته وسخر منه في صباه وحتى حين بات مشهورا وصرح للصحف «انه قصاص حسنا لطالما كان كذابا منذ طفولته» وقال عنه اشهر ناقد اسباني انه لا يملك اية موهبة وعليه ان يبحث عن مهنة اخرى ... وعانى ماركيز الفاقة والحرمان ومرت به ايام كان يسد رمقه بما يجده من صناديق القمامة من بقايا اطعمة فاسدة. وكان يعجز عن شراء الحليب لطفله الرضيع واضطر ان يرسل نصف مخطوطة كتابه الذي وضعه في مصاف الادباء المرموقين فيما بعد «مائة عام من العزلة» لانه لم يكن يملك ما يكفي من المال لارسالها للناشر الارجنتيني. وفيما بعد ارسل الجزء الثاني بالبريد بعد ان رهنت زوجته المدفأة الكهربائية ومجفف الشعر وبعض الادوات الكهربائية. وهي آخر ما تبقى لهما في المنزل بعد ان باعا كل ما يملكان ... وهو يقول عن نفسه: أنا كوني كاتبا من الكتاب ليس سوى انجاز استثنائي لانني رديء جدا في الكتابة. وعلي ان اخضع نفسي لانضباط بشع كي أنجر كتابة صفحة واحدة بعد ثماني ساعات من العمل. إنني اناضل نضالا جسديا مع كل كلمة. لكن الكلمة هي التي تفوز على الغالب. لكنني عنيد جدا. حتى أنني تمكنت من نشر اربعة كتب خلال عشرين سنة. انني لا املك الا النزر اليسير من الوقت بين كثرة الدائنين وحالات الصداع.