رسالة اللهفان في الترحيب برمضان

هَا نَحنُ في إطلَالة شَهر رَمضَان المُبارَك، جَعله الله خَيراً وبَركة لَنا ولَكم، ولكُلِّ مُحبِّي الخَير والسَّلام، والأمن والوئَام..!
هَا هو رَمضَان يَأتي، وكُلِّي أمَل أن يَكون شَهراً مُختلفاً عَن بقيّة الشّهور، مِن حَيثُ العَمَل الصَّالح والتَّغيير للأفضَل، ومُحاسَبة النَّفس، وتَجديد عَلاقتها بالله ثُمَّ بعبَاده.. فالإنسَان إذَا لَم يَتغيّر في رَمضان؛ فلَن يَتغيّر أبداً..!
هَا هو رَمضَان يَأتي كسَحابة بَيضَاء، يَنتظرها المُتَّقون والمُصلِحُون، والمُذنِبُون وطَالبو رَحمة رَب العَالمين..!
هَا هو رَمضَان يَدخل عَلينا، أتمنَّى ألَّا نَستهلكه في الجَدَل حَول رُؤية الهِلَال؛ والحَديث عَن الحَر والبَرد، أو عَن أنوَاع الطَّبخ الجيّد، وأمَاكن السّوبيا، ومَحلَّات السّمبوسك المُمتَازة.. فيَجب إخرَاج رَمضان مِن هَذه القضَايا، التي لَيس وَراءها طَائل سوَى وَجع الأضرَاس، وتَعَب الحَنجرة..!
رَمضان يَا قَوم شَهرٌ عَظيم؛ لمَن يُدرك مَاهيّته، ولقَد كَان الصَّحابة -رضوَان الله عَليهم- يَبكون بَعد رَمضَان خَمسة أشهر لفرَاقهِ، ثُمَّ يَفرحون ستّة أشهر وهُم يَعيشون لذّة انتظَاره...
شَهر رَمضان زَمانٌ كَبير بَين أزمِنَةٍ صَغيرة، زَمنٌ مُميّز بَين أوقَاتٍ عَاديّة.. مَتى أدرَكنا قيمة رَمضَان؛ أدرَكنَا كَيف يَكون استغلَاله، وانتهَاز فُرصة مروره عَلينا؛ ونَحنُ مَازلنا أحيَاء..!
يَا قَوم، افتحوا ذَوَاكركم، وحَاولوا أن تَتذكَّروا كَم مِن الأحيَاء الذين فَقدتموهم مِن رَمضان المَاضي حتَّى رَمضَان الحَالي؛ ستَجدون أنَّ القَائِمة طَويلة، والأموَات كُثر، وكُلّهم حُرِمُوا لذّة صيَام وقيَام هَذا الشَّهر، الذي أطلَّ عَلينا قَبل يَوم أو يَومين..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم لا تَتّكلوا كَثيراً عَلى التَّقويم في رَمضَان، لأنَّ هَذا الشَّهر ضَيفٌ خَفيف الدَّم، يَنصرف بسُرعَة، فاستغلوه مِن البدَاية.. وإن كَانت بدَايته تَأخذنا إلى نهَايته..!
ولقَد صَدَق الأعرَابي الذي قَال -في أوّل يَوم مِن رَمضان الكَريم-: (والله خسَارة، انتهَى رَمضَان، فلَم يَتبقَ مِنه إلَّا عَشرة أيَّام، وعَشرَة أيَّام، وتسعَة أيَّام، وبَقيّة هَذا اليَوم..!
يَا قَوم.. إنَّه رَمضَان سيَذهب، فأدركوه وخُذوا نَصيبكم مِنه.. والله يَتقبَّل مِنَّا ومِنكم صَالح الأعمَال؛ والصّيام والقِيَام..!!!