قبل ظهور التلفون كنا نعيش حياتنا اليومية دون أن نشعر بأن شيئاً ما ينقصنا، لكنه ما أن ظهر حتى بات شريكاً يقاسمنا الحياة، شأنه في ذلك شأن التلفزيون والسيارة والطائرة وحتى الثلاجة، وهي اختراعات لم تكن موجودة من قبل، بينما الآن لم يعد لنا غنىً عنها وإن كان ذلك ممكنا، مع أننا نجد من لا يملك ثلاجة يضطر بالضرورة لشراء الثلج، ومن لا يملك سيارة، يستأجرها حتماً، بينما لا يستأجر جهازَ جوالٍ ليتحدث منه، بل يملكه كهوية خاصة به، فقد بات يشكل ثقافة اجتماعية عالمية، وقد حل محل التلفون الثابت الذي يكون بجوارك، فتكسل عن تناوله، وتستسهل الاتصال من جوالك الذي تحرص على حمله معك أينما ذهبت أكثر من حرصك على حمل بطاقتك الشخصية. طغى الأنترنت حتى لم يعد بوسعنا كأفراد ومؤسسات وشركات وحكومات وشعوب العيش من دونه إلا أن تكون معزولاً عن العالم. بعض المواقع الإلكترونية دأبت منذ البدء في استخدام هذه الوسيلة في الإساءة إلى الأفراد أو غيرهم بما لا يتوافق وجمال الكلمة، ولكن لا بأس فقد اعتاد الناس على قراءة ألفاظ غير جيدة تطال بعضهم بعضا، لكن أن يتطور الأمر ليبلغ التطاول على الله ورسوله، فلا وألف ألف ألف لا، ويجب وضع حدٍ صارمٍ يحول دون تحويل التغريد إلى نعيق. قلت: نفتقدُ الجمالَ حين تخرجُ الكلمةُ عن حدودِ أخلاقِها.