قبل رحلة الإجازة الصيفية لهذا العام قدت بحماس في شتى الطرق ومنها مؤخرًا طريق الدمامالرياض السريع عندما كان لدي عمل في الرياض. وإن كنت سابقًا أفضل الطائرة إلا أن توافر إمكانية القيادة يزيد الرحلة مرونة. عدا بعض النظرات والتأشير باتجاه سيارتي في محطات الوقود لم أَجِد ما يلفت النظر. أما في الرياض فوجدت نفسي وكأنني أبدأ من الصفر مجددًا لكثرة التحديق ولعل ذلك بسبب قلة نسبة النساء اللائي يقدن هناك نسبة إلى سكان المدينة. إنني من هواة السفر ويهمني أن تكون أغلب رحلاتي فيها جزء كبير من التجول بالسيارة في البلاد التي أزورها. كان يزعجني أنني أستطيع التجول في بلاد العالم ولا أستطيع فعل نفس الشيء في بلدي. لذلك كانت قيادتي من الدمام إلى الرياض ذات قيمة معنوية كبيرة لدرجة أنني احترت في تخطيط رحلتي الصيفية لأن ما كان ميزة لم يعد كذلك. ففي السابق كنت أقود ما يزيد على 3200 كم أثناء الإجازة وكنت أقول مازحة أنني أقود هذه المسافة لتغطية سنة كاملة وإن كنت أقود أثناء السنة أيضا. هذا العام طعم الإجازة اختلف واشتقت لسيارتي ولكنها كانت فرصة جيدة لبعض المقارنات ما بين الدنمارك والسعودية. لعل أولها هو في ترتيب السير قبل وعند الإشارات. هناك يؤمنون بأن من يخرج من بيته يعلم إلى أين يتجه ولا يحتاج أن يستخير عند كل إشارة لتجده وقف يمينًا ليتجه يسارًا. لذلك تجد المسارات محددة تمامًا لمن يود الانعطاف ليخرج بكل سلاسة من طريق إلى آخر. لا أَجِد الكلمات التي تعبر عن مدى الراحة في ذلك بعد تجربة الفوضى عند إشاراتنا. أما الإشارات المرورية فهي ذكية ولا تسمح للسائق بالانشغال من سرعة تحولها إلى اللون الأخضر. لاحظت أن الغالبية العظمى لا تجد فرصة للانشغال بالجوال لقلة فترة الانتظار. إن القيادة في الطريق السريع في الدنمارك وكذلك فرنسا ممتعة جدا. فجميع السيارات تتحرك بتناغم جميل بحيث يبدو الأمر وكأنها رقصة جماعية متقنة. فالمسار الأيمن هو الأساس ومن أراد التجاوز اختار المسار الأيسر وذلك ليس بجديد أو غريب. ولكن الغرابة تبدو في أنه مباشرة بعد التجاوز تعاود السيارة إلى المسار الأيمن وتستمر في السير حتى تقترب من السيارة القادمة التي تود تجاوزها. هناك القيادة في المسار الأيسر ليست شطارة ولعل هذا الفرق الأعظم. وإن كنت تعتقد أن المسار الأيمن للسيارات البطيئة فأنت مخطئ لأن من يقود سيارته بسرعة 140 كم/ساعة لا يمانع السير يمينًا حتى يضطر للتجاوز. الجميل فعليا هو أن دور قائد السيارة ليس فقط الاهتمام بنفسه ولكن مهمته كذلك في جعل القيادة أكثر سلاسة للغير. فبمجرد أن يصل مكانًا تندمج فيه سيارات على الطريق السريع ابتعد عنها ليسهل مهمتها. أما في الطرق السريعة في مملكتنا الحبيبة فالأمر مختلف تمامًا. ما نود أن يشبه الرقصة المتناغمة لمعزوفة واحدة يصبح ساحة رقص (أو معركة) لكل منه موسيقاه ليحاول فرضها على الآخرين. فحتى من لا يزيد عن السرعة المحددة وقد يقود بأقل منها قليلًا تجده احتل المسار الأوسط وكأنه ينتظر استخراج صك ملكية له. هؤلاء وإن لم يخالفوا السرعة لا يمتلكون الحس المرن المطلوب لتسهيل قيادة غيرهم. متفائلة خيرًا بالإصلاح المروري عند تطبيقه بشكل كامل أن يوصلنا إلى مثل نموذج الدنمارك.