في عصر التحول السعودي الجديد، لا يزال البعض بالداخل والخارج -وهم قلة- يستدعون ذات الصورة القديمة المتهتكة التي تنضح بؤساً وتيئيساً، وتحاول أن تجد لنفسها مكاناً وسط موجة التفاؤل والأمل بشأن المستقبل السعودي الذي نتوشح به، من أجل ما يليق بهذا الوطن، شعباً وأرضاً وإمكانيات وقدرات. ولا تزال ذات الأذرع المأجورة، تغرّد خارج نطاق الوطن، في محاولة لأن تبث الأكاذيب والشائعات، متناسية أن وراء هذه القيادة شعبا ووطنا، يرسم من بوتقة الحلم ما يصبح واقعاً مستجداً يصنع لكل مواطن ما يمكن أن يتمسك به عبر رؤيةٍ أو فكرة أو مشروع أو منجزٍ يتجذر على الأرض فيكون مصدر قوة قبل أن يكون مبعث فخرٍ وإلهام. قوى إقليمية عديدة، لا تزال تعيش في غيبوبتها وتتقوقع في شرنقة أوهامها الزائفة، تاركة لأبواقها السخيفة بإثارتها وتهييجها وثاراتها الضيقة جداً، استباحة كل الأعراف واللعب على أيديولوجياتها سواء الطائفية المقيتة، أم أجندتها التآمرية، فتستدعي كل أصابع العبث التي عاثت طيلة أكثر من عقدين لتدمير العالم العربي، ونشر الفرقة والتقسيم والتهييج باسم «الرأي والرأي الآخر» كمقدمة مغلوطة لبث أكاذيبها، وكانت النتيجة كل هذا الضعف والهوان والخراب والتخريب في أكثر من عاصمة عربية. أصابع إقليمية هشة، انتفخت فجأة وتورّمت كبؤرة سرطانية، فتصورت أن النملة الضعيفة يمكن أن تهز مسيرة الأفيال التاريخية، أو تعرقلها، ولما أفاقت على واقعها الضعيف، لم تجد غير الاستجداء وادعاء البطولة بتقديم مفهوم «جديد» للسيادة، فوضعت أرضها رهينة احتلالات متعددة بمثل ما لا تزال قراراتها رهينة غرف مؤامرات سرية! الواقع السعودي تجاوز مثل هذه الصغائر والرهانات الخاسرة، ويدرك جيداً أنها مجرد فرقعات طائشة لبالونات منتفخة، وبدلاً من أن يشغل نفسه بالرد عليها، بات يؤسس لما يحلم به أبناؤه، ويرسم طموحاتهم المستقبلية عبر محاور قوية وركائز حقيقية، غير مصطنعة أو «مجنسة» أو مُشتراة، تستدعي المكامن الراسخة في مخزونه وإرثه وتاريخه العريق، لتطلق رؤاه وأفكاره بعقول أبنائه وسواعد مواطنيه. واقعنا السعودي الراهن، يبشرنا بأننا أمام مرحلة مغايرة تماماً، تقوم على الرهانات الصائبة، والتي ستفوز في النهاية في السباق نحو صناعة وجه آخر لتاريخ أسطوري، ينقلنا نحو آفاق أخرى تجعل من الثروة الوطنية وسيلة بناء وتنمية ونهضة، وليس أداة هدم وتفرقة ونشر بؤس ويأس وخراب ودمار كما يحاول البعض أن يفعل.. آفاق أخرى تصيغ التنوع البشري ليكون بوتقة جامعة، لا صياغة «تصدير ثورة» ولا توزيع شعارات طائفية تضرب وحدة مجتمعاتنا العربية في مقتل. هنا، وعلى هذه الأرض، وبهذه القيادة، وبهذا الشعب.. نصنع التحول، ولا نلتفت أبداً للرهانات الخاسرة.