يُذكر أن أول معرض للكتاب كان في عام 1439 ميلادي في مدينة فرانكفورت الألمانية. أي أن فكرة معارض الكتاب نشأت قبل خمسة قرون، تزامنا مع تطبيق فكرة الطباعة بالقوالب للحروف على يد الألماني المخترع يوهان غوتنبرغ (1447م). ومعرض الرياض الدولي للكتاب رأى النور أول مرة في عام 1397 هجري (1977م). وفي كل سنة لا بد لهذا المعرض (معرض الرياض للكتاب) من قضية تُستثار وتحدث ضجة وعاصفة (مثقفة)، ولست أدري أهي صدفة ملازمة؟! أو هي عادة تسويقية وتشويقية للمعرض؛ من أجل جلب الأنظار وزيادة عدد الحضور والمتابعين والهاشتاقات، وارتفاع المبيعات. ومن الطريف أن البعض إذا لم يجد شيئا ينتقده في المعرض تحدث عن نوعية الأطعمة والمشروبات التي تقدم فيه! ولعله أمر حميد أن يتناقش الكبير والصغير، والمثقف والمهتم بالثقافة بالكتب وأنواعها وأفكارها، فذلك أفضل بكثير من النقاش في مواضيع أخرى جدا سطحية لا طائل منها. بل إن شعار المعرض لهذه السنة «الكتاب مستقبل التحوّل» يعطي أبعادا معناها أن المستقبل للشباب، والذي يمثل ما يقارب من 60% من الجيل الحالي. ولا يعني هذا التنازل عن جودة الأفكار والقيمة الفعلية لمادة الكتاب، ولكن أيضا إعطاء أكبر فرصة ممكنة للمشاركة من أطياف مختلفة من المجتمع إذا تم مراجعة الكتاب وفسحه من قبل الجهات المختصة. وفي هذه السنة لم يكن الموضوع المُثار هو التوجهات الفكرية وصراعتها، بل كان الشغل الشاغل هو المقارنة بين الكتاب الجيد أو الكتاب غير المفيد أو السطحي، إما بسبب بساطة الفكرة أو أن بعضا من الكتّاب هم من صغار السن ولا يملك الخبرة والعلم والثقافة الكافية. ولكن من المعلوم أنه في كل زمان يوجد الكتاب الجيد والمتوسط والضعيف (التافه كما يسميه البعض)، وتلك قضية موجودة منذ أن عرفت البشرية الكتابة والكتب. ولكن إذا أردنا أن ننظر إلى الموضوع من ناحية إيجابية، فلندع كل فئات المجتمع تشارك في نهضة الكتابة والقراءة، وفي كل فن وعلم. فكم هو مهم جدا من ناحية الأرقام والإحصائيات منافسة باقي دول العالم بكمية الكتب المطبوعة سنويا. والتاريخ كفيل أن يجعل للكتب الدسمة والمفيدة النافعة أثرا وبقاء، والباقي منها سوف يتلاشى تأثيرها مع الوقت مثل زبد البحر. وعودا على مسألة جودة الكتاب أو تفاهته، فقد قال عباس محمود العقاد (الذي قرأ 60000 كتاب!): ليس هناك كتاب أقرأه ولا أستفيد منه شئيا جديدا، حتى الكتاب التافه أستفيد من قراءته أني تعلمت شيئا جديدا هو: ما هي التفاهة؟ وكيف يكتب التافهون؟ وفيم يفكرون؟! ومنذ فترة وإلى الآن لا يزال البعض يشتكي من كثرة الروايات المؤلفة سنويا، ولكن بحسب ويكيبيديا (قائمة اليونسكو) فالصين أصدرت 440000 كتاب (عام 2013م)، مصر 9022 كتابا (عام 2000م)، السعودية 3900 كتاب (عام 1996م). وبحسب جريدة الوطن (11 ديسمبر 2015)، فهناك 6 آلاف كتاب مفسوح كإصدارات محلية (عام 2015 م) يعني تضاعف تأليف الكتب بعد تسع سنوات تقريبا. إن دعم الكتابة والكتب والقراءة خير من دعم قضايا أخرى تافهة وأقل أهمية وربما فيها مضيعة للوقت والجهد والمال. في بدايات القرن العشرين الميلادي كانت هناك مقولة مشهورة بين المثقفين وهي: «أن مصر تؤلف، ولبنان يطبع، والعراق يقرأ». وكم أتمنى أن نهتم بزيادة عدد الكتب المؤلفة سنويا في بلادنا؛ لنكون نحن الأول في كمية الكتب المؤلفة والمنشورة سنويا على مستوى العالم العربي. وليكن شعارنا لمعرض الكتاب القادم (1440هجري – 2019م) «نحن نؤلف والعالم يقرأ».