كم اتألم وتضيق نفسي , وكم يكسوني شعور غريب لا يمكن وصفه .. شعور يستحوذ على كامل احساسي ويجر مشاعري بحبال الاسى وعدم الرضا, كل ذلك حينما اشاهد وارى شبابا في ربيع شبابهم يفارقون الحياة ويوارون تحت التراب, وذلك كوني احد افراد المجتمع .. والسبب في ذلك التهور والانفلات واطلاق العنان واعطاء الحرية المطلقة والكاملة في قيادة السيارات والسرعة التي تصل الى درجة الجنون .. وكذلك ظاهرة اخرى بها علاقة بالاولى والتي نحن بصددها الان وهي ظاهرة (التفحيط) !! أنها ظاهرة يستحق الوقوف عليها ودراستها , اسبابها ودوافعها وغاياتها .. فكم كانت هذه الظاهرة منتشرة , وكم تغلغلت في مجتمعنا , وكم أدت الى احداث مؤلمة وكم تولد عنها بؤر فساد تنخر في مجتمعنا ولا ندري مستقبلا الى ماذا تؤول اليه؟ أن الوقوف على هذه الظاهرة أمر حتمي وواجب اجتماعي حيث تشكل (تلوثا بيئيا واجتماعيا) وهذا يعني مسؤولية كل فرد من افراد المجتمع. فبتكاتف الناس وتوحيد نظرتهم نحو هذه الظاهرة يبقى الامر في غاية السهولة من حيث تلاشيها والقضاء عليها ... نعم الكل يدينها ويستنكرها , وهذا شعور طيب وجميل , ولكن يبقى الدور الفعلي والعملي. فمع التكاتف يصلح المعطوب ويشفى السقيم من السلوك ويعم الاستقرار والهدوء .. نعم لذلك .. نعم!! نعم , ولكن ليس الامر في ظل غياب المؤسسات الاجتماعية والتربوية .. فأين اللجان الاهلية.. ؟ اين المدرسة؟.. اين المرشد... أي المعلم ....؟ أين الاسرة .. اين الاب .. اي الام...؟ حيث يبرز دور هذه الجهات في التربية وتقويم السلوك .. الى سلوك سوي وقويم , فالكل مسئول في تربية المجتمع (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ولكن في ظل غياب هذه الجهات يزداد انتشار هذه الظاهرة التي تصل الى درجة التفشي وتنم عن سلوك غير تربوي. والذي يحز في النفس أكثر أن شبابا في ربيع اعمارهم ومقتبل شبابهم يكونون ضحية لذلك , إن هذه الظاهرة ليست صعبة ولا مستحيلة في ظل تضافر الجهود والوقوف وقفة تعاونية خاصة من لهم صلة بهؤلاء الشباب حيث دراسة احوالهم والوقوف على رغباتهم واشباعها وملء فراغهم.. ذالك الفراغ الذي يشكل العنصر الاساس في هذا السلوك اللاحضاري وغير السوي.. من المهم للعقل الرزين ان يقف على هذه الظاهرة حيث أن هذه الظاهرة مجرد تفريغ طاقة مكبوتة تستغل بهذا السلوك .. فلو أن هذه الطاقة صقلت واستغلت في سلوك سوي لتلاشت هذه الظاهرة غير الاخلاقية وغير التربوية , كأن تحول الى هواية محببة أو نشاط مرغوب فيه.. ولكن مرة أخرى أين من يقوم بهذا.. أين المؤسسات الاجتماعية والتربوية؟ .. وأين الاسرة؟ .. ويبقى سؤال آخر.. هل من مجيب لذلك؟؟!! @@ حسن بن علي البطران