عزيزي رئيس التحرير يدلف الى غرفة الفصل بتثاقل ويبدأ الشرح للدرس الجديد وذلك الطالب يحدق في الصحف الحائطية شارد الذهن، يقذف المعلم بالاسئلة التقليدية فيضطرب الفصل بأصوات الطلاب وترتفع الايدي طلبا للاجابة وذلك الطالب لا ينبس ببنت شفه، تتوالى الحصص الدراسية فتتكون لدى المعلم فكرة عن هذا الطالب بانه طالب كسول مهمل ويحتاج الى دراسة حالة فهو لايشارك، لا يناقش، لا يتجاوب.. وتزداد النظرة السلبية باتجاه الطالب وضرورة تأديبه فهو بلا شك حسب نظرة المعلم يستحق العقاب بخصم الدرجات وربما الضرب، ومن ثم استدعاء ولي الامر، المعلم اخذ يتجاهل هذا الطالب ولايعيره اي اهتمام واصبح تعامله معه يتسم باللامبالاة. الاستاذ هنا يظن انه قام بواجبه على اكمل وجه وانه بطريقته تلك ادى الرسالة وقام بالمسؤولية خير قيام، لم يفكر المعلم لحظة انه سبب مباشر في المشكلة اذ ان اسقاط التقصير والضعف على الطالب من السهولة بمكان. (أتعلمون ان ذلك الطالب اصبح من المبدعين في حياته الدراسية العليا وفي عمله الوظيفي). لذا فلا اظن ان هذا المعلم انتبه الى ان ذلك الطالب النجيب يحمل في رأسه عقلا مفكرا وذهنا متوقدا لا يتفق البتة مع طريقة هذا الاستاذ في التدريس التي تعتمد على التلقين، وهذا الاسلوب العقيم تعود عليه اولئك الطلاب الذين لايتقنون سوى الحفظ والاستظهار والذين لو سئل احدهم السؤال بطريقة اخرى او بأسلوب مختلف لما استطاعوا الاجابة ولظنوا ان السؤال بعيد عن المنهج وخارج نطاق المرحلة. وفي هذا السياق يؤكد الاستاذ الدكتور زياد حمدان في كتابه (الحوار والاسئلة الصفية اثارة التفكير بالتربية) على ان تربيتنا الاسرية والرسمية تتبنى بوجه عام المركزية القائمة على الوعظ والتلقين والاملاء لتحقيق ما تريد من افرادها. وحتى في التربية الجامعية، فانه يلاحظ احيانا طلب بعضنا من طلابه عدم المقاطعة بالسؤال والاستفسار واذا حدث وسأل احدهم عن شيء يحيره او يغمض على ادراكه فقد يواجه بالتعنيف احيانا او بالاهمال في اخرى، والطرق المركزية المباشرة كالمحاضرة والالقاء والامر والنهي والتعليمات السلوكية المحددة التي يتوجب اتباعها حرفيا وعدم تخطيها هي في الواقع مؤشرات لضعف التربية واملائيتها في الوقت نفسه لكونها تنمي في الناشئة الخنوع والتلقي والشخصية المذعنة دون الجدل المقنع ومنطقية القرار والشخصية الحيوية المبدعة في عصر القوة والعولمة وتقنيات الفضاء). اننا بحاجة ماسة لاعادة النظر في اساليب وطرق التدريس وبحاجة اكبر الى التعامل باحترام وبالطرق التربوية السليمة مع العقول التي وهبها الله عز وجل لابنائنا بان نقدرها ونسعى إلى تنميتها وتغذيتها بالعلم النافع لا ان نجهضها ببعض الطرق التعليمية التعسفية التي قد تدمر اجيالا من الاذكياء المبدعين. وهنا يتبادر الى الذهن هذا التساؤل/ ما ذنب ذلك الطالب عندما تفوق عليه طلاب (كالببغاوات) بينما هو يفوقهم ذكاء وفطنة وفكرا؟ @@ وليد بن سليم السليم