يعتبر تأسيس معهد الادارة العامة بالمملكة في سنة 1380ه 1960م من اهم منجزات تطوير الادارة الحكومية والارتقاء بالتنمية الادارية علما ووعيا وتدريبا بهدف رفع مستوى الاداء في اجهزة الدولة.. وهو من المؤسسات الراقية الحديثة التنظيم التي تعاقبت على ادارته العليا كفاءات عالية التأهيل والخبرة.. ويضم عناصر متميزة بالعلم والخبرة.. والاخلاص من اساتذة وفنيين واداريين.. وفي السنوات الاخيرة اسند اليه تدريب منسوبي القطاع الخاص.. كما قدم العديد من البرامج التدريبية والدراسات الاستشارية للجهات الحكومية.. وله سمعة طيبة في الاوساط التدريبية خليجيا وعربيا والهيئات العلمية في خارج البلاد. رأيت ان اعطي القارئ فكرة عن المعهد تقديرا وثناء على جهوده.. ولتكون مدخلا الى موضوع هذه المقالة التي تستهدف خريجي المعهد في فروعه بالرياض والدمام وجدة.. والذين ينتشرون في الادارات الحكومية وغيرها.. ولاشك انهم تهيأوا من خلال تأهيلهم وتدريبهم لرفع مستوى ادائهم في ميدان العمل.. غير ان اسئلة تفرض نفسها في هذا الشأن.. منها: * هل اجرى التدريب الى تحسين الاداء فعلا؟.. ام ان النتيجة مجرد دورة تدريبية لغرض الترقية؟. * هل اجرى معهد الادارة دراسات حول مستوى الاداء في الادارات التي يعملون فيها؟.. * وما مدى التحسن في اداء الموظف المتدرب والاداء الكلي للمؤسسة التي يعمل الخريجون فيها؟ * يفيد بعض الخريجين الذين التقي بهم احيانا بانهم يتهيأون للتطوير وتحسين الاداء اثناء التدريب ولكن حين مباشرتهم لاعمالهم يصطدمون بعقبات روتينية وادارية فتنخفض توجهاتهم نحو التطوير في الاداء وسرعان ما يفقدون المعلومات التي تلقوها.. وحينما اسأل عن العقبات التي تواجههم يجيبون بالآتي: * الموقف السلبي لمدير الادارة او رئيس القسم حيث يرفض اقتراحات الخريج التي تؤدي الى تحسين الاداء والتطوير واجراء التغيير المناسب للعمل.. بل ويظهر بعض المديرين اشمئزازا تجاه الاقتراح وصاحبه.. وقد يتحول الموقف الى سخط وغضب على من يريد التطوير.. ويكون عرضة لاجراء اداري ليس في صالحه وهذا يشكل اكبر عقبة امام محاولات الاصلاح الاداري في الاجهزة الحكومية.. ويعكس مستوى متخلفا للفكر الاداري لدى بعض المديرين.. مما يتوجب معه تحديد فترة زمنية للبقاء في المنصب الاداري في كل الاجهزة الحكومية.. ويمكن تجديد الفترة لمن تثبت قدراته الادارية الفعالة الذي يسعى الى تطوير الاداء وتطوير العاملين والموظفين وتطوير الاجراءات الادارية والتنظيمية. * الروتين الاداري الذي صار مستهلكا وغير صالح في ظل التطورات الحديثة في علم الادارة وتطبيقاته.. مما يحتم اجراء مناقلات بين رؤساء الدوائر الحكومية وتأهيلهم ومنحهم صلاحيات تحديث الانظمة والاستفادة من الموظفين المدربين في كل مؤسسة.. وتكوين فريق عمل لتطبيق مبادئ الجودة الشاملة بعد اعدادهم وتدريبهم على مفاهيمها. * ومن معوقات الاستفادة من خريجي معهد الادارة العامة: عدم ثبات المتدرب على وظيفته التي كان يشغلها قبل التحاقه ببرنامج التدريب عليها.. حيث يعين بعد تخرجه على وظيفة اخرى لم يتدرب عليها.. وكان ينبغي ان يمارس عمله في الوظيفة التي تدرب عليها حتى يفيد من برنامج التدريب.. بينما ان عمله في الوظيفة الاخرى مضر بالعمل لجهله بها.. وهنا يجب ان يقضي الخريج فترة زمنية كافية في الوظيفة التي تدرب عليها وبعد ان يتم تقييم ادائه فان ثبتت جدارته واريد ترقيته الى وظيفة اخرى فانه يجب ان يتم تدريبه عليها قبل استلامه العمل فيها. ومن الجدير بالقول ان من الاهمية بمكان قيام المعهد بكل فروعه باعداد دراسات لاستطلاع آراء الخريجين في ميدان وظائفهم يكون شاملا لكل ما يتصل بهذا الموضوع.. لاستجلاء مدى تحسن ادائهم وانعكاس تدريبهم على عملهم, وما معوقات تطبيقهم المهارات التي درسوها.. بغية السعي نحو تحقيق الاهداف التي من اجلها تم تأسيس معهد الادارة العامة.. عن طريق التشاور والتنسيق مع الجهة المعنية.