على طريقة حتى أنت يا بروتوس نقولها وبألم : حتى أنت يا زاهي! لم يكن يهمني ما يجري من استخفاف بالعقلية الخليجية من لدن بعض الفضائيات العربية , فلقد وطنت نفسي على أن في هذا العالم لصوصا كُثُر وضحايا سُذج أكثر. جرى في السنوات القليلة الماضية وما زال يجري سباق محموم على جيوب الخليجيين عامة والمراهقين منهم على وجه الخصوص. فهاهي البرامج التي تعزف على وتر الغرائز تطفح على أثباج فضائنا , وهاهي برامح تلفزيون الواقع Real Tv تغزل شباكها لاصطياد الحمقى الخليجيين الذين يؤمنون بذهنية (الفزعة) البائدة في التصويت للشاب الخليجي الفلاني أو العلاني. لقد تفننت قنواتنا الفضائية في نهبنا.حشدت كل طرق اغرائها, ووظفت كل سحرتها, ومدتها أخواتها في الغي بكل ما من شأنه تغييب العقل, وإعلاء شأن الشهوة, وتخدير وإنامة مكامن الصحو واليقظة. كل هذا كنت أفهمه. لكن ما لا أفهمه هو أن ينساق وراء جيوبنا أصحاب البرامج الهادفة الذين ما فتئوا يرددون في لقاءاتهم وكتاباتهم التي أفسحنا لها مكاناً في مجلاتنا وعلى صدور جرائدنا أنهم يحترمون العقل الخليجي, وأنهم يمثلون الثقافة الجادة التي تجمع بين الفائدة والمتعة, وأنهم نشاز في هذا الجو الغثائي الخانق. كلام.. الكلام هو أسهل ما أنت معطيه في فضاء غير طبيعي مثل فضائنا العربي. لقد أُصبت بصدمة وأنا أسمع زاهي وهبي صاحب البرنامج الجميل (خليك بالبيت) يطالب الجمهور بالتصويت وإبداء الرأي بالاتصال تلفونيا ..يريد مني أن أدفع له مالاً ليسمع رأيي لا ليعطيني جائزة! أحشفاً وسوء كيلة يا زاهي؟! أي غثاثة هي هذه التي يطالبنا فيها صاحب برنامج غير مسابقاتي مثل (خليك بالبيت) بالمشاركة معه في استفتاء - بدلاً من أن يكون مشاعاً وهادفاً- يكون ربحياً ,مستسخفاً عقولنا وكأننا نحن الخليجيين مجموعة من الأغبياء الذين سيتركون برامج المسابقات التي "قد" يربحون من ورائها حتى يشاركوا بأموالهم (حضرته) في استفتاءات برنامجه الذي يُفترض كما يُروَّج له أن يكون هادفاً ونافعاً وقائماً على احترام العقل والذوق والرصانة؟! أتمنى أن يتجاوز زاهي وبرنامجه هذه الكبوة سريعاً,وأن يعود عن عقلية التاجر إلى عقلية المثقف الجاد. [email protected]