هذا الاهتمام الكبير الذي يحظى به الفنانون من قبل اجهزة الاعلام، وخاصة المرئية منها، لا معنى له سوى (الهلس) والضحك على ذقون المشاهدين وشغل ساعات البث بأية مادة مهما كانت هزيلة وممجوجة. فقد حفلت محطات التلفزة المختلفة بالعديد من البرامج التي لاهم لمقدميها سوى استضافة فناني الدرجة الثالثة، وتلميع شخصياتهم، وفرضهم على اذواق المشاهدين، مهما كان انتاجهم هزيلا ومتدنيا بكل المقاييس الفنية والذوقية، والاسوأ من ذلك ان الاسئلة المطروحة في مثل هذه اللقاءات. لا تتعدى الاكلات المفضلة. ومتابعة (صرعات الموضة) وتسريحات الشعر المبتكرة، وتكريس مختلف المفاهيم الانهزامية والمتخاذلة، وكأن هذه المحطات قد اجمعت على معاقبة مشاهديها بهذا الاسفاف، وتتسابق القنوات الفضائية في هذا المجال سباقا محموما، دون ان تولي الجانب الجاد من اهتمامات المشاهدين ادنى عناية، وعذرها في ذلك هو الترفيه، لكنه ترفيه رخيص ينجرف وراءه ذوو الاهتمامات السطحية والخاوية قلوبهم من اي فكر جاد او ثقافة هادفة. وبينما يمور العالم باحداث جسام. وتنوء العقول النيرة بهموم الامة، وتتقاذف واقع المسلمين شتى التيارات الخطرة، فان كل ذلك لا يحظى من تلك القنوات الفضائية الا بالنزر القليل من الاهتمام، مقارنة باهتماماتها بتلك الموضوعات الهزيلة، وبمقارنة متأنية بين ساعات البث المحددة للموضوعات الجادة، وتلك المحددة للموضوعات الهزيلة، يمكن ان نتبين الفارق الزمني الكبير في الحالتين. وهو امر لا تخفى خطورته على احد. كل ذلك يرتكب باسم الفن. وباسم الترفيه. فما اسوأه من فن. وما ابشعه من ترفيه. فن هدفه الهدم وتكريس التخاذل والانهزام.. وترفيه غايته تحطيم القيم وتنمية نوازع الشر في النفوس. واشاعة الانحطاط والرذيلة في المجتمع. انها حرب لابد ان نتسلح لها بالايمان والتربية الصالحة للابناء حتى لا تجرفهم هذه التيارات الخطرة للجري وراء (تقليعات) اولئك الذين يسمون انفسهم فنانين من المطربين والممثلين ومن دار في فلكهم. وأظن ان المسألة بحاجة الى التنبه الى عدم تلميع هؤلاء ونفخ رؤوسهم بأوهام الابداع والتميز، فالعكس هو الصحيح، انهم عندما يشعرون بهذا (الانتفاخ) فانهم يسيئون الى ذائقة الناس، بل ويشوهون هذه الذائقة بما (يعبثون) به ان جاز القول، فهم في واد والفنون الراقية في واد آخر، فليتهم يدركون هذا الخطأ ويحاولون تصحيحه، وان لم يصلوا الى مرحلة الادراك هذه فلابد من التوقف عن شحنهم بالاطراء والاعجاب، فذلك اسلوب مشين سوف يدفعهم الى مزيد من الاخطاء.