لا ينكر أحد مدى أهمية ما أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي في العالم أجمع من نقلة نوعية في كافة المجالات، ولاشك أن لها إيجابيات كثيرة لمن يستغلها الاستغلال الأمثل، والعكس صحيح، فهناك سلبيات كبيرة وكثيرة، وبالتالي فقد تتغلب في أحايين كثيرة السلبيات على الإيجابيات من خلال مغرياتها، ولعل ما يدار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر وواتس وغيرها) يثير قلقا كبيرا لدى البعض من مستخدميها. وأكبر سلبية تواجه المستخدم هي كثرة الإشاعات المكتوبة أو المصورة ثابتة كانت أم متحركة التي تتداول بين المستخدمين وبشراهة، ومن المؤسف أنها تمر على الواحد منا، وربما يثق بمرسلها ويصدقها، والدليل على ذلك التسابق على نشرها في مجموعات أخرى، وكأن الأمر لا يعنيه رغم أن معظم ما يتم تداوله للأسف الشديد قد يكون إشاعة ولا أساس له ولا يمت إلى الحقيقة بصلة، ونحن كسعوديين ندرك ذلك جيدا، وإذا كنّا لا ندرك فيجب أن ندرك أن هناك مغرضين كثرا في الداخل والخارج، هدفهم بث سمومهم بيننا من خلال ما يتم تصميمه وإرساله ثم تداوله. ومن المؤسف أيضا أن كثيرا ممن ينقل لك هذه الرسالة ويضعها أمامك من الذين كنت ومازلت تعتقد أنهم ممن يتمتعون بوعي وإدراك كاف عما يحاك ضدنا وضد وطننا. إن وطننا أمانة في أعناقنا، وإن تداولنا من خلال قروباتنا لإشاعات لا أساس لها من الصحة، ومصادرها غير موثقة هو تقليل من قيمتنا وعقولنا وأفكارنا، فاليوم أصبح التأكد من أي معلومة مهما كانت سهلا للغاية ولا صعوبة فيه، ولكننا وفي أحايين كثيرة يغلب علينا التسرع وعدم التركيز رغم أن معظم هذه الإشاعات تضر بأنفسنا ثم بمجتمعنا ناهيك عن وطننا، إن الرسالة التي تكتبها أو تنقلها أو تمررها تعبر عن ذاتك وفكرك وقناعتك، وبالتالي حري بك أن تركز فيما تكتب أو ترسل. أجزم أن الكثير منا قد يعلم أن معظم ما يتم تداوله في معظم الوسائل ولاسيما التي ليس له مصدر موثوق لا أساس له من الصحة، وهذا بديهي دون البحث عن مصداقيته، فما بالك إذا كان هذا المتداول يسيء لك أو لمجتمعك أو لوطنك، إننا لا نشك في الوعي والإدارة الذي يتمتع به الإنسان السعودي، ولكن البعض ينقل تلك المعلومات من باب (السبق أو الاستعجال أو الفكاهة)، وهذا أمر لا يجب أن يكون، إن الجميع يعلم أن مثل هذه الأمور قد يقلل من شأن الشخص لنفسه ولمجتمعه، فما بالك إذا وصل الأمر إلى بلده، وتؤكد الدراسات الإحصائية أن أكثر مستخدمي وسائل التواصل (فيسبوك وتويتر وواتس...إلخ) هم السعوديون، وهذا أمر طيب إلا أننا نتطلع أن يكون سبقنا أو كثرتنا في استخدام هذه الوسائل هو في الاستخدام الأمثل وليس للسلبي. ومن المؤلم أيضا أن هناك تداولا لصور أو فيديوهات أو مقاطع لحوادث أو لأحداث قد نسيء من خلالها لأشخاص أو لأنفسنا أو وطننا، وربما نقلناها من حسن نية، ولكن قد يستخدمها آخرون للوصول إلى مآرب أخرى قد تضر بِنا أو بأمن وطننا، إنني أعلم يقينا أن مثل هذه الأمور لا تغيب عن أحد، إلا أنني أوردها من باب التذكير، لأننا نمثل الخط الأول لحماية وطننا من أي داخل عليه أو من يستقل ما نتداوله للإضرار بِنَا، فهل نعيد النظر فيما نتداوله في كافة وسائل التواصل ونمعن النظر والتفكير من كافة الجوانب لنصل إلى الفائدة المرجوة، ونثبت لأنفسنا وللعالم أجمع أننا نتمتع بوعي وإدراك وبدرجات عالية، وأننا لن نسمح لأحد أن يستخدمنا كجسر عبور لتحقيق مآربه، دمتم بخير، ودام وطننا في عز ونماء وتقدم وازدهار.