خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    أمير جازان يرعى حفل افتتاح مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية    إصابة حركة القطارات بالشلل في ألمانيا بعد سرقة كابلات كهربائية    تشكيل الهلال المتوقع أمام الفتح    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أمريكا: اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    "زرقاء اليمامة" تعيد الأضواء ل"مركز فهد الثقافي"    الأخضر تحت15 يخسر من سلوفينيا في بطولة ديلي نازيوني    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    مقامة مؤجلة    492 ألف برميل نفط يومياً وفورات يومية    حرب نتنياهو .. إلى أين ؟    نار «الأصلية» أم هجير «التشاليح» ؟    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    أمير جازان ونائبه يهنئان القيادة بما تحقق من إنجازات ومستهدفات رؤية المملكة 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    تحول تاريخي    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    «ألبرتو بُري» يتجاوز مأساته    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    لو ما فيه إسرائيل    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    ريال مدريد في مواجهة صعبة أمام سوسيداد    مقال «مقري عليه» !    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    سلمان بن سلطان يرأس لجنة الحج والزيارة بالمدينة    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    أدوات الفكر في القرآن    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم الاختلاط في مجتمع السوق
نشر في الوطن يوم 13 - 12 - 2019

مع بداية الثورة الصناعية، واختراع الآلة البخارية وتطورها السريع، ونشوء مجتمعات حديثة تزدحم بالمصانع الضخمة التي تقوم على تقنيات حديثة وتوظف قوى عاملة كبيرة ومنظمة، تزامن مع نشوء هذه المجتمعات الحديثة المسماة بمجتمعات السوق (market society)، هجرة جماعية لأهالي الأرياف الذين هجروا حقولهم ومزارعهم وتوجهوا نحو المدن الصناعية.
كان الناس يزرعون وينتجون غالب احتياجاتهم اليومية للاستهلاك المنزلي المباشر، فقد كان دور الأسواق هامشيا ولم يكن الناس يعتمدون على الأسواق كما يحدث اليوم في المجتمعات الحديثة، وكان كلا الجنسين -الرجل والمرأة- يعملان في ممتلكات العائلة ضمن دائرة اقتصاد بسيط غير معقد يحمل قيمه ومبادئه المتوافقة مع تنظيمه البسيط.
ولكن مع نشوء المصانع الضخمة التي استقطبت كثيرا من الأسر للعمل ضمن سياقها الاقتصادي والاجتماعي ووسط مدنها المكتظة بالسكان، انتهى دور المنزل كمقر للإنتاج، فنظام المصنع المنتج للسلع بكميات هائلة أدى إلى الفصل النهائي بين المنزل وعملية الإنتاج، وهذا ما أجبر العمال على ترك حقولهم ومزارعهم والتخلي عن أسلوب الإنتاج الذاتي، مما فرض عليهم نمط حياة جديدا يعتمد اعتمادا كليا على الأسواق وما تنتجه من سلع وبضائع، وفرض عليهم المشاركة في نظام الاقتصاد الجديد ودورته، وربط مصيرهم ومصير أسرهم بسوق العمل وما يندرج تحته من قوانين العرض والطلب.
أسهمت هذه التحولات في تشكيل مجتمعات السوق، وأصبحت حياتنا اليومية تتمحور بشكل كبير حول الأسواق، وأصبح تنظيم اقتصادنا يؤثر إلى حد بعيد في حياتنا وقيمنا ونظرتنا للحياة والناس من حولنا، بل إنه فرض علينا مراجعة ومحاكمة كثير من قيمنا الموروثة، فالأسواق صارت ذات أهمية مركزية فيما يتعلق بتنظيم المجتمع المعاصر.
إن الاقتصاد اليوم لم يعد نظاما منفصلا ومستقلا عن القوى الاجتماعية والثقافية، فصعود مجتمع السوق كان على الدوام جزءا من عملية تغيير فكري وثقافي واجتماعي وديموجرافي، والتكامل المتزايد في العمليات الاقتصادية التي أصبحت أكثر تعقيدا وتداخلا من السابق، أسهم في إعادة تنظيم العلاقات الاجتماعية وتفكيك روابط المجتمع التقليدي وقيمه ومبادئه الدينية والاجتماعية، مكرسا بذلك الطريق نحو ظهور المجتمع المدني.
والمجتمع السعودي أحد هذه المجتمعات التي تعرضت للصدام الدائم ما بين قيمها التي تحملها، سواء كانت قيما دينية أو أعرافا اجتماعية، وبين قيم مجتمع السوق، ولعل مفهوم الاختلاط يعد واحدا من ساحات الصراع بين قيم المجتمع التقليدية وبين قيم السوق، فالاختلاط بين الجنسين هو وليد مجتمع السوق، وأحد إفرازاته ومظهر من مظاهره الفريدة، ومن العبث البحث عن حالة شبيهة له في مجتمع صدر الإسلام أو أي مجتمع قديم آخر، في سبيل تحريمه أو إباحته.
وهذا ما جعل مفهوم الاختلاط من أكثر المفاهيم إشكالا، نظرا لانعدام مثيل له في العصور السابقة، وجعله عرضة لكثير من التأويلات والتفسيرات ولوي أعناق الأدلة في سبيل إباحته أو تحريمه، فضلا عن أن الاختلاط في بيئة العمل له مستويات متعددة تبدأ من الاختلاط العابر في الأماكن العامة مثل الأسواق والمطارات والمستشفيات، وهذا لا خلاف على جوازه، وتنتهي بالاختلاط الذي يصل مستوى الخلوة التامة التي نصت الأحاديث النبوية على تحريمه صراحة، وهذا ما زاد المسألة تعقيدا، نظرا لتعدد مستويات الاختلاط وتداخلها، والتحرش في بيئة العمل أمر وارد في كل مجتمعات العالم بلا استثناء، يزداد وينقص مع اختلاف مستويات الاختلاط، ومن هنا بدأت قيم مجتمع السوق تعيش حالة صراع مستمرة مع قيم المجتمع التقليدية.
إن حرب القيم التقليدية ضد قيم مجتمع السوق كانت حربا خاسرة على الدوام في كثير من المجتمعات، ولكنها في المجتمع السعودي استطاعت المقاومة وخوض التحديات والمعارك الطويلة مع قيم التحديث التي تتبناها الاقتصادات الحديثة، فقيم المجتمع التقليدية فرضت أحيانا على سوق العمل تنظيم آلية الفصل بين الجنسين في أماكن العمل وبعض أماكن الترفيه والتسوق، وهذا سيؤدي بطبيعة الحال لزيادة تكاليف التشغيل، مما يعني زيادة الخسائر التي يتكبدها سوق العمل والتي ستزداد بصورة طردية مع زيادة معدلات الفصل بين الجنسين، وهذا ما يرفضه سوق العمل الذي يضع مسألة الربح والخسارة فوق كل اعتبار، وتقليل تكاليف التشغيل وما تتطلب من زيادة في الفعالية والإنتاجية هو قضية ذات أولوية في فلسفة الاقتصاد الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.