قام وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد، خلال الشهر الماضي، بزيارة لمنطقة الباحة بهدف تدشين عدد من المشاريع المدرسية وعقد لقاءات مع منسوبي التعليم من مديرين ومعلمين ومشرفين تربويين وطلاب، ورعاية حفل الكشافة، وتزامنت هذه الزيارة مع اليوم الوطني الثالث والثمانين للمملكة العربية السعودية، ولا ريب أن الأهالي يتطلعون من زيارة سموه أو غيره من كبار المسؤولين في الدولة إلى أن تؤتى ثمارها، لاسيما وأن الزيارات الوزارية إلى مناطق الأطراف تأتي كأطياف قليلة لكونها تجيء في فترات متباعدة ويُعوّل عليها تحقيق ما تحتاجه تلك المناطق من مشاريع تنموية أياً كانت. ومن الاحتياجات التي حمّلني إياها أهالي «حي رغدان» لنقلها لوزير التربية والتعليم إعادة بناء مدرستهم للمرحلة الابتدائية، المبنى الذي هُدم منذ ست سنوات ومازال الأهالي ينتظرون بريق الأمل في إنشاء مبنى يليق بأبنائهم الطلاب ليخدمهم تعليمياً وتربوياً، وكان يُفترض ألا يصل الطلب والإلحاح إلى الوزير على اعتبار أن هذا العمل يسير بطريقة سلسة سهلة دون عناء فهي من صميم عمل الوزارة وضمن أهدافها، إلا أن هذا التأخير الذي فاق المتوقع وغير المتوقع جعل أرض المبنى تعصف بها الرياح صباح مساء دون مبادرة من الوزارة في تنفيذ المشروع الذي يُعد حقاً من حقوق المواطن، ولمّا كان الوزير قام بهذه الزيارة فإن الأهالي يتطلعون منه إلى حل هذه المعضلة التي جعلت المبنى يتأخر بمعدلات رقمية غير مرغوب فيها، وبحسب تفاصيل الإشكالية فالمشروع وقع بين كماشتين صلبتين هما إدارة المباني في تعليم الباحة من جانب، والممثل المالي في إمارة المنطقة من جانب آخر. المهندسون في وزارة التربية وضعوا تقديرات مالية لتكلفة إنشاء المشروع، وهو عبارة عن مبنيين كبيرين وصالة رياضية حديثة، مع تقدير تكلفة الحواجز الخرسانية بهدف تسوية الأرض لوجود انحدار بحكم طبيعة منطقة الباحة الجبلية، ولمّا وصل كامل الأوراق والتقديرات المالية امتنع الممثل المالي في الإمارة عن التوقيع بحجة أن التكلفة المالية مُبالغ فيها، واستمر الملف في رحلة مكوكية بين تعليم الباحة ووزارة التربية والممثل المالي، ولا أدري أين يحط؟ ومتى ينتهي؟ بوجود الأساليب البيوقراطية المملة والمتعبة، والخاسر بطبيعة الحال هو الطالب الذي انتظر لما يزيد على ست سنوات، وأيضاً المعلم وأولياء الأمور الذين يحرصون على أن يدرس أبناؤهم في مبانٍ مناسبة تتوفر فيها التجهيزات والمرافق التي تخدم العملية التعليمية والتربوية، ولمّا كان الممثل المالي مصراً على رأيه وأن أي مشروع لابد من موافقته، بينما الوزارة تعيد تقديراتها المالية بذات الرقم، حتماً ستبقى الفجوة قائمة ولن تُردم، بما يتوافق مع مفهوم المثل الشعبي كأذنَيْ الجمل لا يمكن أن تلتقيان لقصرهما، كنت أتمنى إيجاد حل مناسب في مثل هذه الحالة بوجود هيئة استشارية أو قانونية لحل «اللوغاريتمات»الصعبة والمعقدة من أجل حل هذه المعضلة، وإن كانت المسألة في نظري سهلة ولا تحتاج إلى طلعة ونزلة ولا إلى ملء الأوراق، ولا إلى استمرار مطالبات، فقط تحتاج إلى جهة حيادية بموافقة الطرفين لتنظر في حيثياتها وتضع حلاً وسطاً، ولا نعلم إن كانت الوزارة بالغت في تقديراتها فهذا شأنها، ينبغي أن يُحاسب المتسبب لأن ذلك يدخل في مسألة التعطيل المتعمد، أما إذا كانت التقديرات دقيقة وفق رؤية هندسية فلِمَ إذاً يمتنع الممثل المالي؟! ولا أدري هل زار موقع المدرسة وشاهد بعينيه مكان تنفيذ المشروع والجسور الاستنادية، أم أنها رؤية مكتبية فقط؟ لاشك أن تكاليف المشاريع في الوقت الراهن زادت عن ذي قبل مع ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل عام، وهذا ما يجعل وزارة التربية والتعليم أمام خيار صعب؛ إما أن تنفذ بمواصفات عالية الكفاءة والجودة، أو لا تنفذ. ولما كان سمو الوزير قام بزيارة منطقة الباحة فأهالي حي «رغدان» يضعون هذه المشكلة المزمنة على طاولته لحلها، فما تراه الوزارة صغيراً مقارنة بمئات المشاريع الأخرى، فالأهالي يرون أن تأخير تنفيذ مبنى مدرستهم فترة زمنية طويلة شيء كبير جداً، لاسيما أن مشاريع أخرى جاءت بعده وأُنجزت. وها هي صحيفة «الشرق» بناءً على رغبة الأهالي والواجب الصحفي المحتم عليها، تطرح القضية وحيثياتها أمام الوزير لعل سموه يُبهجهم بتصريح بأن مبنى مدرستهم سيُنفذ عما قريب، فالسنوات الست الماضية تكفي، لتلتفت الوزارة إلى مواضيع ومشاريع أخرى.