وضعت دعوة رئيس الوزراء الفلسطيني في غزة، إسماعيل هنية، لبدء حوار معمق لبناء وحدة اندماجية بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي، الحركتين في خطوة متقدمة من العمل المشترك باتجاه توحيد قوة الإسلام السياسي في فلسطين، لاسيما في ظل ذوبان الفوارق الفكرية والأيدلوجية الجوهرية بينهما. ويقول يحيى موسى، النائب عن حركة حماس ل»الشرق»، إن الوحدة الاندماجية أمل الحركتين منذ وقت بعيد، خاصة أن منطلقات المشروع واحدة من ناحية فكرية، ولا توجد أبعاد أيدلوجية تفصل بينهما. وأضاف أن تطور التنظيمين عبر المراحل النضالية المختلفة وحد الرؤى المرتبطة بالمقاومة الفلسطينية، والنضالية المختلفة، وفي العلاقات الإقليمية والدولية، «لذلك لم يعد هناك نقاط اختلاف، لكن هذا الموضوع يحتاج إلي تعاون بنضج ورؤية وبمنطق لا يقوم على الاستعجال». غير أن تحقيق هذه الوحدة يصطدم بانقسام حركة الجهاد الإسلامي على نفسها، حيث يتبنى التيار القوي في الحركة، الذي يقوده الأمين العام للحركة رمضان شلح في الخارج، ومسؤولها في غزة محمد الهندي، فكرة الوحدة الاندماجية بين الحركتين، في حين يعارض تيار آخر هذه الفكرة لكنه الأقل عدداً والأكثر انعزالاً عن قيادة الحركة في هذه المرحلة. ويرى موسى أن وجود مبدأين متعارضين سواء في الجهاد أو حماس أمر طبيعي، ويقول «طبيعي ألا يتحمس الجميع بنفس الدرجة إلى أي فكرة»، مشيراً إلى وجود عقبات مرتبطة بالنواحي النفسية والسياسية وبمصالح معينة، في الحركتين، وأي تقارب لن يكون بين جناح من تنظيم، وإنما سيكون بين تنظيمين بجميع مؤسساتهما. ولفت موسى إلى احتمال تكوين أشكال من التعاون المشترك في بعض الميادين في المراحل الأولى، و»شيئاً فشيئاً تصل القناعات إلى الجميع». وشدد على أن القضية الفلسطينية أحوج ما تكون في هذه المرحلة إلى مثل هذه الوحدة، بعد ما عاشته من التشرذم بين القوى السياسية والخلافات الكثيرة في الساحة، مؤكداً أن أي عملية توحيد بين هذه القوى المختلفة بحد ذاته سيعطي دفعة إيجابية لهذه القضية. وأعرب عن أمله بأن تنصهر جميع الاتجاهات المتقاربة في الفكر والأيديولوجيا والموافق في إطار مشروع واحد، بحيث نكون أمام أربعة مشروعات فكرية تصطف فيها كل القوى السياسية بدلاً من عشرين فصيلاً بدون مضامين حقيقية. وكشف مصدر في الجهاد الإسلامي ل»الشرق» أن التقارب بين الحركتين حاصل في كثير من المواقف مثل الموقف من الأزمة السورية وملف منظمة التحرير ورؤية الحركتين للمصالحة. وكشف عن وجود تيار داخل الحركة يخشى الاندماج مع حماس خشية الذوبان، وتوقف الدعم الإيراني الذي يحصل عليه. ويؤكد الخبير المختص بشؤون الحركات الإسلامية، خالد صافي أن هناك نقاط تشابه كثيرة بين الحركتين. وقال ل»الشرق» إنه عندما انطلقت حركة الجهاد الإسلامي في أوائل الثمانينيات، كانت حماس تهتم بالجانب الدعوي والديني، وكانت حركة الجهاد تعطي العمل العسكري أهمية. وشدد على أن حماس أصبحت تمارس العمل العسكري الجهادي وأصبحت فلسطين جزءاً مهماً من مشروع حماس ومن ثم جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي أصبحت تلتقي في كثير من النقاط التي انطلقت من أجلها الجهاد في أوائل الثمانينيات. ورأت أن من مواطن الاختلاف التي قد يقف عليها المتحاورون في سبيل إنجاز الوحدة هو ملف المعترك السياسي، حيث أن الجهاد الإسلامي لم تدخل المعترك السياسي في عملية الانتخابات الديمقراطية للعمل الفلسطيني، وحركة حماس رغم مقاطعتها للنظام السياسي الفلسطيني التي قام عام 1996 إلا أنها دخلت هذا النظام عام 2006 في الانتخابات التشريعية، وبالتالي ما زالت الجهاد الإسلامي تتحفظ على الدخول في النظام السياسي للسلطة الفلسطينية التي بنيت على اتفاقيات أوسلو، مشيراً إلى أن نقاط الاتفاق أكثر من نقاط الاختلاف. ولفت صافي إلى أن تقارب حركتين كبيرتين مثل حماس والجهاد في مشروع واحد، يعطي قوة أكبر للإسلام السياسي في فلسطين سواء على الصعيد السياسي أو المجتمعي.