شر الأحزاب السياسية هي تلك الأحزاب التي تتخفى وراء الدين أو تعتمد على العرقية في بناء أيدلوجيتها وأشدها شراً تلك الأحزاب الدينية أو العرقية التي ترفع السلاح. شرية هذين النوعين من الأحزاب تأتي من عدة عوامل على رأسها الإقصائية. خذ على سبيل المثال حزب الله اللبناني. تقوم بنية هذا الحزب الفكرية على الفكر الشيعي، فمن البديهي أن يقصي بقية أطياف المجتمع اللبناني مهما ادعى من وطنية وعروبة وغيرها. ولائه معقود للمراجع الدينية التي تكفر هذا وتفسق ذاك وتمتلك الحقيقة المطلقة. الحزب الديني حزب إقصائي بالطبيعة ويشجع على نشوء أحزاب إقصائية لينتهي الأمر بشكل حتمي إلى الصراع والتقاتل، الأحزاب الدينية تكون مشغولة بأيدلوجيتها وبالدعوة إليها وفرضها بروح تدميرية. لا يمكن أن يعمل حزب ديني على البناء والتعمير ولا يقر أهم بنود تشكيل الأحزاب كتبادل السلطة، التي تولد منها. لو أننا تتبعنا مسيرة حزب الله اللبناني ستتجلى لنا السخرية السياسية المنطوية في تاريخه. هذا الحزب هو في الواقع جاء كثمن إقصائية سابقة تمثلت في حزب الكتائب الذي قام على قوة الطائفة المارونية والحزب الاشتراكي الجنبلاطي الذي قام على عزلة الطائفة الدرزية. فقد حانت الساعة التي يدفع فيها الإقصائيون السابقون ثمن إقصائيتهم بأن ظهرت لهم قوة إقصائية مرعبة بحجم حزب الله. يتمتع الشعب اللبناني بالحيوية وروح التطلع ولكن هذه الأحزاب جعلت لبنان من أكثر الدول تخلفاً على المستوى السياسي. اليمن نموذج جيد للفوضى التي يحدثها الحراك السياسي الملتبس مع التوجهات الدينية. يواجه الشعب اليمني اليوم ثلاثة قوى دينية تدميرية.. الحوثيين والقاعدة الإخوان المسلمين الذي يتزعمهم مكتشف علاج الإيدز عبدالمجيد الزنداني ولأن كل واحد من هذه الأحزاب يمتلك الحقيقة المطلقة لا يمكن أن تحسم الفروق بينهم بتبادل السلطة واحترام حقوق الغير. إن خلافات رجال الدين لا تحسم إلا بالنار وتصفية المختلف حتى آخر قطرة دم في نحره. لا يوجد شيء اسمه نصر في عقل رجل الدين لأن الحرب لا نهاية لها. لو سحق أحدهم منافسه واعتلى السلطة ستنشأ الحرب من داخل الحزب نفسه، الدليل شاخص أمامنا في سورية. النصرة تولدت من القاعدة وداعش تولدت من النصرة وقريبا سنرى سلالات جديدة. والذي يقرأ تاريخ الحروب الصليبية سيرى هذا بوضوح أكثر. لم نكن نعرف أن العراقيين يكرهون بعضهم، بل ولم نكن نعرف أن نسبة السنة في العراق كذا ونسبة الشيعة كذا ولا نعرف كغرباء أين يسكن الشيعة وأين يسكن السنة في العراق حتى جاءت السلطات الملوثة بالدين السياسي إلى سدة الحكم. استطاعت التجمعات الدينية في ليبيا أن تدفع الشعب الليبي إلى حافة اليأس بأن أصبح بعضهم يتمنى عودة الدكتاتور مرة أخرى. نفس ما يتمناه اليوم الشعب الإيراني. دولة نفطية وحيوية ولها تراث عريق أحالت ملايين من شعبها إلى متسكعين في البلدان الغربية والبقية نصفهم جواسيس على النصف الآخر. أرجو ألا يفهم أحد أني أحاول الإساءة لحزب الله أو أن مقالي طرفا في قضية سني شيعي. فعلى كل من يقرأ هذا المقال أن يطمئن بأني لا أميز ولو بدرجة واحدة من الألف بين حزب الله الشيعي وحزب الإخوان المسلمين السني أو أي حزب ديني أياً كان توجهه. أنا فخور دائما أن عقلي وثقافتي تنتسب للعصر الحديث بصورة نقية.