هل هو الاعتياد؟ أم هو الطبع؟ أم هو أسلوب حياة من الصعب التخلي عنه؟ أم هي جينات تحركنا.. وترسم مساراتنا؟ ولماذا نسلِّم بعد زمن أنها السمة الغالبة التي علينا أن نرضخ لها، ولا يمكن معالجتها، أو كسر سيطرتها.. أو إسقاطها؟ نؤمن أن مقاومتنا لن تُجدي.. المردود الإيجابي هش في ظل كل المحاولات التي من الممكن أن نقوم بها.. يقال إن هناك مجتمعات مؤهلة للتغيير، ويفترض أن يكون الأفراد في البداية هم نواة التغيير.. ولا يناهضون التغيير، هذا على المستوى الجمعي، أما على المستوى الفردي والذي لا يختص بالمجتمع وكيف أن على الفرد أن يحمي نفسه من استبداد الطبع؟ أو سيطرة العادة التي عجز عن تبديلها، وهي تختص به دون غيره.. قد تقول في نفسك هو سؤال، أو أسئلة لا ينبغي التصريح بطرحها إلا على نفسك، أما الآخر فقد لا يلتقي معها، ربما لأن سلوكه مختلف، ولأنه قادر على أن يضبط هذا الطبع ويتعامل معه حسب ما هو مسجل في الكتاب كما يقول المصريون لكن أنت ظللت ضحية ثابتة لذلك الطبع الذي لم يقرره الظرف، أو المكان، أو الزمان أيضاً.. من قرره أنت، جيناتك.. استسلامك للفوضى الداخلية التي تصبح منسجماً معها.. ساطعاً بصوتها.. وكأنك تمنحها فرصة لتعانق الأفق المفتوح.. في مقالي شبه اليومي والتزامي لثلاثة أيام في الأسبوع حاولت أن أبدو أمام كياني الشخصي ملتزمة بتسليم المقال قبل يومين، أو على الأقل في زمن متاح لتصحيحيه، على مدى سنوات، ظلت المحاولات قائمة، ولكن ظل النسيج الداخلي لطبعي الذي يرفض الرضوخ إلا تحت الضغط هو المهيمن، وهو المسيطر، وهو الذي يقيس حجم الضرورات قبل أن تتحول إلى أولويات.. مسافة من الحلم والصبر أضافها لي مشرف زاويتي الشاعر المبدع والكاتب الاستاذ سعد الحميدين.. وتحمل التأخير.. مع تدخل غاضب أحياناً يكون محقاً فيه بأن علي الالتزم بالموعد، وعدم البقاء في نهاية كشف تسليم المقالات.. كما في سائر ما هو معطوف على واقع حياتي أحاول، وأحياناً أتفرغ على المكتب للكتابة قبل يومين، والمحصلة انشغال ذهني، وبديهي يسيطر عليّ، لا استطيع اختصار حقيقته.. أو مواجهة طوفانه.. انشغل بكل شيء على المكتب.. قراءة لكتاب.. لورقة بحث في تفاصيل صغيرة.. انتشاء بوجود فراغ ولو انطوى على اللاشيء.. المحصلة عقلي الباطن يعاقبني بالتمرد على الأوامر التي منحتها إياه.. ويختلق أفعالاً تعاكس المسار الذي حاولت أن أدخل إليه.. إنه استبداد الطبع.. يظهر ويسود بدلالاته المهمة.. وخلاصة الحياة التي نشرِّع نحن نسيجها.. أو يشرعنا هو، ونفقد القدرة على تفكيكه.. في الصورة الأخرى يسرقنا الوقت أو يسرقني رغم محاولاتي أن اضبطه عند السفر، فكم تمنيت أن أصل للمطار قبل ساعتين وقبلها بأيام أعطي عقلي الأوامر وفي المحصلة يلتف وأصل على النداء الأول، أو الأخير أحياناً.. ربما يلتقي معي آخرون في سيطرة الطبع وليس الرغبة في التسويف.. الطبع العاصف الذي يضعف القدرة على التحول إلى الصفة الأخرى، صفة ثقافة الالتزام والسطر وبعده سطر، ليس ثقافة المزاج.. أو المود الذي يحكمنا.. ويشكل قاموسنا.. ولا يمكن أن نتغير عنه خاصة إن كان تفاعله مع الهاجس هو الأقوى ويبقى الوهم الأكبر ان هناك من يعتقد أن القدرة والمفهوم الإيجابي بإمكانهما أن يجعلا بعض الأمور ممكنة.. بالنسبة لي من الصعب تطويع المضاد.. أو المستحيل.. إلى ممكن أستند عليه.. أو إليه.