تحولت التقنيات المعاصرة من خلال استخداماتها المختلفة إلى جزء حيوي وهام من مكون "الدور الثقافي" الذي تقدمه المواقع الإلكترونية سواء كانت تلك المواقع تمثل مواقع إعلامية، أو مواقع مؤسسية ثقافية وأدبية، أو منتديات ثقافية وغيرها، إذ إن هذا الدور الذي تمتلكه مضامين شبكة الإنترنت تجاه المكون الثقافي، جاء منطلقا لما أصبحت الوسائل الاتصالية اليوم تحتله من استخدامات متنامية، ولما تمتلكه من قدرة على الاتصال والتواصل الفاعل والتفاعلي في آن واحد، لتصبح معه الثورة المعلوماتية فيه ممزوجة بالثورة التكنولوجية. لقد استطاعت وسائل الاتصال الحديثة بمختلف وسائطها أن تصبح مصادر أساسية للثقافة العامة السائدة في المجتمعات المعاصرة في شتى المجالات المعرفية والثقافية الحياتية، إذ أصبحت تقدم مضامين مكثفة وذات تدفق معلوماتي كبير يستهدف كافة أفراد المجتمع مما يجعل ما تقدمه من مضامين قادرا على إحداث ذلك التأثير سواء على المدى القريب بما تمتلكه تلك المضامين من قدرات إقناعية، أو على المدى البعيد عبر تراكمية لدى المتلقي مما يخلق لديه ميلا اعتياديا لتلك المضامين قادرا على أن يكون صورة ذهنية قادرة فيما بعد على إحداث أثر نتيجة كثرة التعرض للمضامين الثقافية التي تكرسها وسائط المعرفة وخاصة عبر ما تقدمه من خلال شبكة الإنترنت. إن ظهور الإنترنت وما شكله من انتشار عالمي، وما أعقبه من استخدامات وسمها بعض الباحثين ب(فوائد الاستخدامات) التي جاءت تبعا لشيوع (المواقع الإلكترونية) التي أحدثت متغيرات كثيرة على المستويات الثقافية والاجتماعية تحديدا، إذ تعد الثقافة رابطا هاما في تكون تلك المتغيرات، الأمر لذي زاد من تأثير أفرادها بعضهم على بعض مما انتج مجتمعات افتراضية عبر النسيج العالمي لشبكة الإنترنت.. حيث أصبحنا نحتاج لفهم ما يدور في عقولنا، إلى محطة لتفهمه من خلال جهاز الكمبيوتر، عبر شبكة الإنترنت كأداة للتفكير.. مما يجعل التنبؤ بالمزيد من الظواهر الثقافية الاجتماعية " تلقائية الحدوث" مشكلة بذلك ملامح ثقافية، تنمو من فترة إلى أخرى، تحت ما صفه الباحثون بالملامح الرئيسية لثقافة الإنترنت. وفي هذا السياق تشير إحدى الدراسات بأن استخدام شبكة الإنترنت في المملكة، التي أجريت في ديسمبر عام 2000م بلغ عدد المستخدمين للشبكة 200000 مستخدم، أما في إبريل عام 2001م بلغ عددهم 690000مستخدم، وفي يوليو عام 2002م وصل عددهم إلى 900000متصفح، كما بلغ عددهم في ديسمبر من العام نفسه 1453000مستخدم، أما في سبتمبر عام 2003م فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت 1462000 مستخدم، كما وصل عددهم في العام ذاته في شهر ديسمبر إلى 1500000 مستخدم، أما في ديسمبر من عام 2005 فقد بلغ عددهم 2540000مستخدم، ليصل عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية في عام 2006م إلى 4800000مستخدم لشبكة الإنترنت في الملكة، حيث وصل انتشار خدمة شبكة الإنترنت في السعودية ما نسبته 36% من السكان في إحصائية عام 2008م مقارنة بالعام 2007م الذي كانت فيه نسبة مستخدمي شبكة الإنترنت 30،5 % مستخدم حيث بلغ عدد المستخدمين في العام نفسه 9،8 ملايين مستخدم لشبكة الإنترنت.. الأمر الذي يفترض اطرادا متناميا في أعداد المستخدمين لشبكة انترنت في المملكة. إن هذا الواقع الإلكتروني بمختلف مستوياته أمر يفرض على مواقع الأندية الأدبية الثقافية على شبكة الإنترنت استثمارا نوعيا عبر الشبكة العالمية بما يوازي دورها المؤسسي وهويتها الثقافية، عبر مواقعها الإلكترونية لتتجاوز بذلك مجرد الرصد الخبري لا ما تقيمه من فعاليات، او ما تصدره من مطبوعات، أو ما قدمه من مجرد قوائم من الأسماء أو العناوين.. إلى ما يجعل من مواقعها على الشبكة منابر إلكترونية تفاعلية، ليجد المتصفح فيها الإصدار الإلكتروني، والآخر الورقي في شكل يقدم نبذة موجزة تعريفية بالكتاب، أو تقديم عروض صورة للكتب ترفق بها جملة من الاختيارات التصفحية التي يأتي في مقدمتها -على سبيل المثال لا الحصر - صور لفهارسها.. إلى جانب تزويد المواقع بتكاملية عبر الوسائط المختلفة من خلال الروابط التي تقدم خدماتها الثقافية الإلكترونية للمثقفين والمثقفات وتوثيق صلاتهم بالنادي بما يخدم أفكارهم ورؤاهم ونتاجهم الإبداعي. كما أن مواقع الأندية الأدبية الثقافية على الشبكة العالمية قادرة على التواصل مع جمهور يتسم ب"العالمية" متخطية بذلك الحدود الجغرافية والزمانية التي لم تفلح معها المنابر الخشبية.. لتصبح مواقعها بمثابة "المنتديات التفاعلية" التي تصل أعضاء مجالسها بجمعياتها العمومية، وتجمعهم بعامة المثقفين وخاصة المبدعين.. وتتخذ من تواجدها الإلكتروني مرحلة نوعية من التواصل الثقافي، الذي تتخذ منه مكونا ثقافيا للمؤسسة الأدبية الثقافية في عالم لغته التواصل الإلكتروني لتكون قادرة على استضافة ما أمكنها من المجتمعات الافتراضية التي تتواجد بينها من خلال مواقعها الإلكترونية على شبكة الإنترنت.