رفيق السفر .. الدائم التحليق .. من رأس الجبل إلى ضفائر البحر .. جوّال (الإيتليهات ) وساكن المكتبات .. عاشق الفيروزيات (الرحبانية ) ،والموشحات الأندلسية . كان يذيب في صدري قوالب السأم .. أقول له " أنا اليوم مالي مزاج يا صالح " ، فيضرب سدود ضجري مرّة بطوفان ضحكته المجلجلة.. ومرة بشجن عاصف تهتز له أفئدة الحيطان .! إنه صالح بوقري .. محفّزي المثابر ، الذي يواجه طقوسي ومناخي المتقلب .. ويوجّه لبياتي الشتوي ( لكمة خطافية ) عند اللزوم .! يبدو أنه أخذ مؤخرًا بنصيحة الشاعر القائل : " لا ُتخفِ ما فعلتْ بكَ الأشواقُ .. واشرح هواكَ ، فكلّنا عشاقُ " ، فجعل (يفضفض) بوحا مموسقا .. أو يبوح بما قالته اللوحات التشكيلية .. وما أفشاه الضوء له من أسرار" على رأي صديقه القديم المتجدد الدكتور سعيد السريحي .. " فكانت كلماته تشكيلا على تشكيل " .! يقول في دفتر أشواقه الأنيق أشواق ملونة : " وحين تكونُ بعيدًا هناك أفكرّ فيك .. كطفل صغير فأغمض عينيّ ، أفتّش في جفنيّ عن صورتك " لعل صاحبه قال له : " ثم أغمض عينك حتى تراني " .. ما لنا ولصاحبه ، فكل بصاحبه ( أبخص ) .. ويجيء الِبرّ بأبيه أشواقا لها أجنحة ترفرف : "عندما أذكرك ، الدموع التي تفيض في وجداني تحتاج ألف عين ، كي أبكيك ".! ويهدأ الإعصار .. ويمضي شلال الفرح .. يترقرق شوقاً يعبق بالعطر : " أعجبني العطر .. تساءلت .. وكنت أسبح في هالته : هل هو عبق (البراءة) ؟ أم سرها الذي تهامست به الأزهار ، منذ الأزل " ؟! يأتيك دافئا كالشوق منفعلا كالعتاب شامخا كالصراحة .. حميما كساعة اللقاء .! ومن ذا الذي لا يعجبه العطر يا صالح ؟ .. لكن .. عطر عن عطر يفرق .! إن لأرواح من نحبهم عطرا .. أحتفظ به في صندوق .. الصندوق له مفتاح ، و المفتاح في صندوق .. والصندوق عندي طبعا ( وليس عند النجّار ) .. يا صاحبي .!