ماذا يضيف اليوم العالمي للمرأة؟ دعوات كثيرة تلتقي مع دساتير وقوانين كل دولة، لكن الفجوات بين الأمم والشعوب من حيث حقوق المرأة تبقى معلقة على عوامل تاريخية تحكمها التقاليد، والأديان حتى إن الدول التي أعطت المرأة شيئاً من حقوقها لا تزال تفرّق في المعاملات والرواتب، وحتى النظرة الدونية مع الرجل، لدرجة أن هناك شكوى من المرأة الأمريكية أقرت بالتباين في العديد من المعاملات.. شرقنا العربي لا يزال يعامل النساء بإيقاع الماضي، وبعض الدول الإسلامية تريد فرض قوانين تعارض طبيعة النهج الإسلامي، وحين تحتج أوروبا على الحجاب فهي تنطلق من رؤية ربما تقر بخنق حرية المسلمة، وحتى لو حدث ذلك في المدارس والجامعات على اعتباره إبراز هوية دينية في مجتمع علماني، فالجدل يندرج على أحكام وقوانين لها جوانب معقولة وأخرى لا تزال مثار خلاف، وربما رفض.. المرأة كائن إنساني ربما تختلف في تكوينها عن الرجل بخصائص بيولوجية، لكن الاثنين يكملان دورة الحياة في الإنجاب وتكوين الأسرة والمجتمع، والتطلع إلى آفاق الحضارة الإنسانية، غير أن الحقيقة المُرة، هي أن المرأة لا تزال خارج المراكز العليا في الدولة إلا في بعض البلدان، والغريب أن هناك دولاً مثل سري لانكا، والهند، وبنغلاديش والفلبين وأندونيسيا، سبقت دولاً أوروبية، وآسيوية عريقة في دساتيرها وتقدمها بوصول المرأة إلى رئاسة الدولة، والقضاء، ومراكز مرموقة، وهي أقل تقدماً من حيث التنمية الاقتصادية، وحتى التعليمية، ويبدو أن قيمة المرأة في تلك البلدان تأسست على بعد اجتماعي وموروث تاريخي أعطياها هذا الحق.. لقد عرف التاريخ كيف كانت تُربط نساء الإمبراطور في الصين مع جثته بعد الوفاة لإغراق الجميع في النهر، وأن النساء تحولن إلى قرابين، وجوارٍ مثل بعض الرجال الأسرى عند تحويلهم إلى عبيد يباعون في أسواق النخاسة، لكن المرأة تعرضت للغبن والتشرد وحتى تحمّل مسؤولية الأسرة أكثر من الرجل.. هناك بلدان تزيد نسبة النساء على الرجال في تعداد السكان، لكن تقل وظائفهن في العمل الحكومي والأهلي، وحتى في قضية التعليم المختلط والمنعزل ظلت المرأة محور القضية عندما تتعرض للإهانات والتحرش، وحتى مسائل الزواج والطلاق وعهدة الأطفال، هناك من يغيرها بقوانين صارمة، وآخرون يعطونها للرجل، أو الاتفاق على الانفصال بالتراضي، وقسم يفرض الحقوق بطرق التعويضات، بينما العالم الإسلامي له شرائعه في هذه العملية التي اتفق عليها الفقهاء والعلماء.. من الصعب إلغاء الفوارق بين النساء والرجال، طالما من يسن القوانين وينفذها، ويدير المعارك السلمية والحربية، ويعقد الاتفاقات الدولية والصفقات التجارية وحتى العسكرية هوالرجل، ومع ذلك هناك من يرى أن حقوق المرأة بدأت تأخذ تطوراً إيجابياً نتيجة تحسُّن مستويات التعليم، ونشر الثقافة والرواتب، لتتعهد هي بالمطالبة بوضعها المنطقي والمعقول مع الرجل، لكن الطرق لا تزال طويلة خاصة في مجتمعات لا تزال تختلف من حيث القناعات، وسطوة التقاليد التي قد يقيدها المجتمع أكثر من السلطة، لكنها محكومة بأزمنة لا بد أن تتغير تبعاً لمتغير كوني..