قابلتُ دكتورة سعودية ومثقفة بارزة فحكت لي عن عشقها القديم للكتاب قائلة إنها اشترطت أن يكون مهرها مكتبة؛ وأمام سخرية الناس منها وتعجب أهلها والصديقات والأقارب من هذا الطلب الغريب؛ تقدم لخطبتها رجل مناسب وقبل بالشرط وقام بتجهيز مكتبة ضخمة لها تحوي آلاف الكتب بمايعادل قيمة مهرها وأهداها إياها،هذه السيدة المميزة من زماننا ومن وسط عيشنا ومحيطنا وليست بخارج عنه..لكنها عاشت حباً مختلفاً وجميلاً للكتب وللثقافة.. الكثير من حولنا يعيش جواً حميمياً مع المكتبة والكتاب بشكل أخص وللناس مع الكتاب قصة؛لاسيما لمن يجد للكتب أنفاساً يشاركها إياها فلها مع محبيها لحظات لاتنسى وحميمية لاتقل عن صداقة الإنسان، وقصة هذه الدكتورة ليست بالغريبة إذا ما عرفنا أن بعض الناس يضع أنفس مالديه من مال في المكتبة وربما بيعت مكتبته بعد وفاته بعشرات الآلاف؛فكما يُجمع الذهب يجمع ثلة آخرون الكتب. بل ويتنافس المثقفون في صفها وطريقة ترتيبها وربما كانت ساعة صفها في الرفوف أحب إليهم من ألف ساعة ترفيهية أو سياحية أخرى؛وبكل الأحوال لاشيء أسوأ من أن تجمع كتبك وتنتقيها وتحافظ عليها ثم يأتي من بعدك أناس لايقدرون قيمتها ولاثمنها المعنوي والمادي لديك! تذكرت هذا قبل فترة حينما جيء لي بكراتين كبيرة، لم أتخيل أن تحوي كتباً في شتى الفنون والمعارف،بدأت في فتح الكراتين فوجدت أمامي مئات الكتب النفيسة من مختلف الفنون والعلوم.. والكثير من الملاحظات التي دوّنها القارئ-عليه رحمة الله-سألت : لماذا جئتم بها؟ فعلمتُ أن رجلاً عرضها عليهم (بالمجان) لأن صاحب هذه الكتب توفي وأنهم ضاقوا بها فماوجدوا غير توزيعها لمن يرغبها! شعرت بغصة؛ ثم تأملت مكتبتي متخيلة ماسيحدث لها في حال توفيت؛ وحينها التفت لكتبي وصرت أدوّن عليها رأيي الخاص موجهة كلامي لمن سيقرأ كتابي لاحقاً فإليه مني السلام.