قال الجيش السوداني في بيان أمس الثلاثاء إنه استعاد السيطرة على مقر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون من قوات الدعم السريع شبه العسكرية. ويقع مقر الهيئة في أم درمان المطلة على نهر النيل قبالة الخرطوم، وهي جزء من منطقة العاصمة الكبرى. ولم يصدر على الفور تعليق من قوات الدعم السريع. واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023 وسط خلاف حول خطة انتقال إلى الحكم المدني. ونفذ الطرفان معاً انقلاباً في عام 2021 أدى إلى توقف مرحلة انتقالية سابقة بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في عام 2019. من جهة أخرى يكابد مئات الآلاف في العاصمة السودانية صراعاً يومياً من أجل الحصول على الطعام حيث تتعرض المطابخ الشعبية التي يعتمدون عليها للخطر بسبب تضاؤل الإمدادات وانقطاع الاتصالات في أنحاء كثيرة من البلاد في الأسابيع القليلة الماضية. وفي دارفور، لم تتلق بعض المناطق أي مساعدات منذ بدء المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية قبل عام تقريباً. وتحذر وكالات الإغاثة، التي لم تتمكن من إيصال الغذاء إلى الكثير من مناطق البلاد التي عصفت بها الحرب، من أن الجوع قد يتفاقم مع اقتراب موسم شح المحاصيل في السودان من أبريل نيسان إلى يوليو وهو الوقت الذي يقل فيه توافر الغذاء بسبب قيام المزارعين بالزراعة. وقال يان إيجلاند الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين في مقابلة بعد زيارة لمخيمات في تشاد في منتصف فبراير شباط حيث يقيم الآن أكثر من نصف مليون لاجئ سوداني "نواجه خطراً جسيماً من حدوث مجاعة كارثية تطول سنواتها العجاف". وتحدثت رويترز إلى 30 من السكان، كثير منهم في المناطق التي أنهكتها الحرب في السودان حيث بدأ الجوع مع بداية القتال. تحدث معظمهم عبر الهاتف أو عبر تطبيق واتساب. وأجريت مقابلات مع بعضهم في القاهرة التي لجأوا إليها بعد فرارهم من منازلهم. كما أجرت رويترز مقابلات مع أكثر من 20 من موظفي الإغاثة. ولم يرد الجيش السوداني ولا قوات الدعم السريع على الأسئلة ذات الصلة بهذا التقرير. وتقع منطقة الفتيحاب بأم درمان على خط المواجهة في المعركة الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع. ويقول السكان الذين يبحثون عن طعام إنهم يضطرون إلى المخاطرة بالمرور عبر نقاط التفتيش التي تقيمها قوات الدعم السريع، فضلا عن نيران مدفعية وقناصة قوات الدعم السريع والجيش. ويحجم الناس عن مغادرة منازلهم خوفا من التعرض لمضايقات واعتداءات. وقال محمود محمد (60 عاما) إنه تعرض للسرقة والجلد من مقاتلي قوات الدعم السريع عندما حاول الذهاب إلى السوق في ديسمبر كانون الأول الماضي. وأضاف أنه عندما عاد إلى منزله، كان جلبابه ملطخا بالدماء. وأكد أحد أفراد الأسرة أن ملابس محمد كانت ملطخة بالدماء عندما وصل إلى منزله. وبدأت زوجة محمد بعد ذلك المخاطرة بالخروج بحثا عن طعام، لكنها توقفت بعد أن سمعت أن قوات الدعم السريع احتجزت مجموعة من النساء وأن أخريات اختفين. وقال مواطنان آخران إنهما سمعا أيضا عن اختفاء نساء أوائل العام الجاري. ولم تتمكن رويترز من التحقق على نحو مستقل من هذه الروايات عن حالات الاختفاء. وفي الشهر الماضي، فر محمد وأسرته من الفتيحاب. وقال سكان إن القتال ألحق أضرارا بمرافق الكهرباء والمياه، مما حرمهم من الكهرباء والمياه الجارية. ويعاني كثيرون من الإسهال بعد اضطرارهم لشرب مياه غير معالجة من نهر النيل. وأفادت تقارير منظمة الصحة العالمية بوجود أكثر من عشرة آلاف حالة يشتبه إصابتها بالكوليرا في أنحاء البلاد منذ اندلاع الحرب. وفي محاولة لتوفير الطعام للآلاف من السكان في الفتيحاب، أنشأ متطوعون مطابخ شعبية في وقت مبكر من الحرب تقدم العصيدة والأرز والخبز مرة أو مرتين في اليوم. لكن المتطوع محيي الدين جعفر قال لرويترز إن المطابخ اضطرت إلى تقليص هذه الوجبات عندما تسبب حصار قوات الدعم السريع للمنطقة في انقطاع الإمدادات عنها في يوليو تموز الماضي. والمتطوعون جزء مما يسمى "غرف الطوارئ"، وهي شبكة تعمل على توفير الطعام وإجلاء السكان في مناطق في أنحاء البلاد. وقال متطوعان إن ثلاثة من زملائهم لقوا حتفهم بقذائف مدفعية ورصاصات طائشة في الفتيحاب العام الماضي أثناء محاولتهم مساعدة سكان المنطقة.