اعتقلت استخبارات الجيش السوداني بمنطقة وادي سيدنا العسكرية في أم درمان، عدداً من الضباط الفاعلين في قيادة متحركات أم درمان، بتهمة الإعداد ل"انقلاب". وقالت صحيفة "السوداني، نقلاً عن مصادر، لم يتم الكشف عنها، أمس الثلاثاء، إن "حملة الاعتقالات استهدفت ضباطاً نشطين في إدارة العمليات بأم درمان بصورة خاصة". وقال مصدر مطلع: "الضباط المعتقلون الذين تم وضعهم بالإيقاف هم قائد المتحرك الاحتياطي في معسكر سركاب، ومدير الإدارة الفنية بالدفاع الجوي ومسؤول عن الرادارات وأجهزة التشويش المضاد للمسيرات، ومسؤول عمليات الدعم والإسناد الاستراتيجي لمواقع المدرعات والشجرة". وأضاف أن "الاستعدادات جاريةٌ لاعتقال عميد ركن قائد لأحد المتحركات بمدينة أم درمان، وجميعهم معتقلون تحت ستار الإعداد لانقلاب". وقال مصدر عسكري من قاعدة وادي سيدنا، لصحفية "السوداني"، إنّ اعتقالات الضباط تزامنت مع زيارة عضو مجلس السيادة، مساعد القائد العام للجيش، الفريق إبراهيم جابر، لمنطقة وادي سيدنا العسكرية. وأضاف المصدر أن "الضباط الذين تم اعتقالهم من أكفأ ضباط القوات المسلحة؛ ضبطاً وربطاً وتعليماً، ويمثلون روح متحركات أم درمان الحالية، وخاضوا معارك شرسة ضد العدو؛ وكبدوه خسائر فادحة وأجبروه على التراجع.. هؤلاء الضباط لهم علاقات طيبة وسط الجنود والاحتياط والأهالي، لم نشهد لهم أي مخالفة تعليمات أو تحريض ضد القيادة طوال تاريخ عملهم". وتابع: "يبدو أن هناك خللاً ما في هذا الأمر، لا طبعهم ولا حتى ذكاؤهم يجعلهم يقومون بمثل هذا التحرك ضد القيادة من تلك المنطقة تحديداً، فالانقلاب ليس هذا مكانه؛ لكل من يعلم استراتيجية عسكرية". يشار إلى أن السودان يشهد منذ شهر نيسان/أبريل الماضي معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خلفت دماراً كبيراً ونزوحاً كبيراً للسودانين داخل وخارج البلاد فضلاً عن مئات القتلى والجرحى. من جهة أخرى قال مسؤول حكومي من جنوب السودان إن نحو 40 شخصاً، كثير منهم مدنيون، لقوا حتفهم في أعمال عنف بمنطقة متنازع عليها على حدود بلاده مع السودان قبل أيام، ولجأ مئات إلى مجمع لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ويتواتر وقوع اشتباكات في منطقة أبيي بين فصائل متناحرة من قبائل عرقية الدينكا بسبب نزاع حول موقع أحد الحدود الإدارية، حيث يتم جمع عائدات ضريبية كبيرة من التجارة العابرة الحدود. ومنطقة أبيي غنية بالنفط ويتشارك جنوب السودان والسودان في إدارتها ويزعم كل منهما حقا فيها. وقال وزير الإعلام في المنطقة بولس كوج "شهد الثاني والثالث من فبراير هجمات تضمنت إضرام نيران في عدة أسواق ونهب ممتلكات، وقُتل 19 مدنيا وأصيب 18 آخرون". وأضاف أن 18 شخصاً آخرين قتلوا في هجمات منفصلة الأحد. وكان من بين القتلى ثلاثة أطفال. وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن اثنين من موظفيها قتلا. وقالت المنظمة في بيان "بعد القتال العنيف في أبيي.. خلال الأسابيع الماضية، تعبر منظمة أطباء بلا حدود عن حزنها العميق على الخسارة المأساوية بفقد اثنين من زملائنا في جنوب السودان". ولم تذكر المنظمة متى لقي الموظفان حتفهما أو ملابسات وفاتهما. كما تعرض جنود حفظ السلام بقوة الأممالمتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي للهجوم في أحدث موجة من أعمال العنف. وقالت القوة في بيان إن ناقلة جند مدرعة تعرضت لإطلاق نار كثيف في كمين. وأضافت أنها كثفت دورياتها البرية والجوية لمنع التصعيد. إلى ذلك قالت منظمة أطباء بلا حدود إن طفلاً يموت كل ساعتين في مخيم زمزم للنازحين في دارفور في غرب السودان ونددت "بالوضع الكارثي" فيه. وقالت كلير نيكوليه، رئيسة أطباء بلا حدود لشؤون الطوارئ في السودان في بيان "نقدّر أن طفلاً واحداً على الأقل يموت كل ساعتين في المخيم، أي نحو 13 طفلاً يموتون في اليوم" مضيفة أن "الأطفال الذين يعانون سوء تغذية حاداً (...) قد يموتون في غضون ثلاثة إلى ستة أسابيع إذا لم يحصلوا على علاج". وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى أن قرابة ربع الأطفال الذين أخضعوا لفحوص يعانون سوء تغذية حاداً فيما يعاني نحو 40 % من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين ستة أشهر وسنتين سوء تغذية. كذلك، فإن عدد الوفيات في هذا المخيم وهو الأكبر والأقدم في البلاد ويؤوي 300 ألف إلى 500 ألف شخص بحسب التقديرات "مقلق جدا" مع معدل وفيات يبلغ 2,5 لكل 10 آلاف شخص يومياً. وأضافت نيكوليه "قبل بدء الحرب (...) كان سكان المخيم يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الدولية للحصول على الغذاء والرعاية الصحية ومياه الشرب... اليوم تم التخلي عنهم بشكل شبه كامل". وأوضحت "برنامج الأغذية العالمي لم يوزّع مواد غذائية منذ أيار/مايو" واضطرت العائلات لشرب "مياه المستنقعات أو من النهر". وفي بيان مشترك صدر الاثنين، أعرب خبراء من الأممالمتحدة أيضاً عن قلقهم قائلين إن نحو "25 مليون شخص، من بينهم 14 مليون طفل، في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية في السودان". وأضاف البيان أن الأزمة الإنسانية "تسببت في نزوح جماعي غير مسبوق" مع نزوح أكثر من تسعة ملايين شخص داخليا ومعظمهم يعيشون في مدارس ومبان مهجورة... "هم في ظروف كارثية مع دعم محدود من المنظمات الإنسانية الدولية". ومنذ 15 نيسان/أبريل، يدور قتال في السودان بين القوات الموالية لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بلقب حميدتي، وأسفر حتى الآن عن مقتل الآلاف، من بينهم 10 آلاف إلى 15 ألفاً في مدينة دارفور، بحسب تقرير لخبراء من الأممالمتحدة.