المشروع المقترح ينظم صناعة الإعلانات ويضبط فوضى المشاهير مقياس الشهرة يأخذ أولوية في توجيه الرأي العام بغض النظر عن المحتوى! انتهت اللجنة الخاصة التي شكلها الشورى برئاسة الدكتور محمد الجرباء لدراسة مقترح تشريع نظام الإعلان والتسويق المقدم من عضو المجلس السابق الدكتور عبدالله رفود السفياني، من دراسة المشروع المقترح وأوصت بالموافقة عليه ورفعت تقريرها إلى المجلس بانتظار عرضه ومناقشته والتصويت عليه، وطالبت اللجنة أيضاً أن تضمن الأداة النظامية التي سيصدر بها مشروع النظام قيام هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بالتنسيق مع من تراه من الجهات ذات العلاقة قبل نفاذ هذا النظام بمراجعة الأنظمة، والتنظيمات، والأوامر، والمراسيم الملكية، والقرارات، التي تأثرت بهذا النظام، ومن ذلك حذف الفقرتين 12 من المادة الثانية والفقرة (ط) من المادة السابعة من نظام المطبوعات والنشر، وحذف الفقرة 2 من المادة العاشرة، والمادة 11 من نظام التجارة الالكترونية، اكتفاء بما ورد في المشروع المقترح، واقتراح ما يلزم في شأنها، واستكمال الإجراءات النظامية. 89 صوتاً وقبل تشكيل اللجنة الخاصة كانت لجنة الثقافة والرياضة والسياحة قد درست المقترح وأوصت بعدم ملاءمته إلا أن 89 صوتوا ضدها وقرر المجلس تشكيل لجنة خاصة، وقد ذكر تقرير المشروع المقترح الحاجة لضبط سوق الإعلان مع نموه في السنوات الأخيرة في ظل التحولات الكبيرة التي تعيشها المملكة خصوصاً في الجانب الاقتصادي فأصبح الإعلان التجاري والتسويق من أهم القطاعات الحيوية ذات الإيرادات العالية خاصة في الخليج العربي، وظهرت تحذيرات من تجاوزت بعض مشاهير مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، أن منهم من تجاوز الأنظمة ومنهم من يقدم محتوى غير أخلاقي، وتحولت ساحة الإعلام الجديد إلى حروب ونزاعات وتشهير، وتجددت المطالبات تحت قبة الشورى بوضع إطار حكومة يضبط أنشطة وتغطيات واعلانات مشاهير التواصل الاجتماعي والإعلام، وأشار الدكتور عبدالله السفياني إلى تفرق وكثرة وقدم الأنظمة التي تضبط سوق الإعلان في المملكة كما أنها لا تواكب هذا الحراك الكبير اقترحنا هذا النظام للمساهمة في دفع ورفع هذا المجال الحيوي، مؤكداً الحاجة الماسة إلى جهة مختصة للإشراف على سوق الإعلان وضبط معاييره ومخالفاته بدلاً من توزعها على قطاعات مختلفة وقال بأن النظام المقترح تضمن النص على إنشاء جمعية وطنية لمعايير الإعلان والتسويق من أجل الضبط وحل الإشكالات المتعددة، ونبه العضو على ظهور إشكالات كثيرة وخطيرة مع توسع الإعلان والتسويق في الشبكات الاجتماعية وأكد أن كثيراً من المعلنين ليس لديهم تصريحات رسمية ويتلقون مبالغ طائلة دون توثيق ورصد مما يجعل مثل هذا المناخ سهلاً للاختراق وتبادل الأموال بطرق غير مشروعه إضافة إلى ما يحصل من تضليل في الرسالة الإعلانية وكذلك استغلال الأطفال وتعريضهم للتنمر والاعتداء اللفظي. قدم الأنظمة وفي مناقشة لتقرير لجنة الثقافة تحت قبة المجلس قال حينها الدكتور عبدالله البلوي عضو الشورى السابق إن ما ذكرته اللجنة من مبررات لعدم الاستمرار في دراسة المشروع هي ذات المبررات التي أرفقتها لملاءمة المقترح بداية..!، ولم تذكر اللجنة أي تفاصيل تخص محتوى المقترح بل إن الرفض كان موضوعاً وهو في مرحلة الدراسة حيث ينبغي إعطاء تفاصيل أكثر عن محتوى المقترح لا الاكتفاء في موضوعه في هذه المرحلة ولا شك بأهمية المقترح خاصة في هذا الوقت مع التطور الهائل في أنظمة وأنشطة التواصل الاجتماعي التي وصلت كل فرد، ولفت البلوي إلى أن ما ذكرته اللجنة من مبررات كانت هي السبب في اقتراح هذا المشروع وقال إن توزع الأنظمة الحالية الخاصة بالإعلان والتسويق على عدد كبير من الأنظمة، وقدمها وعدم مواكبتها للتطوير الكبير على مجال الاتصالات وعدم انسجامها مع رؤية 2030، هو السبب الرئيس لاقتراح هذا المشروع، كما أن الجهات ذات العلاقة التي استشارتها اللجنة، ومنها وزارة الداخلية قد أبدت ملحوظات يمكن تلافيها ولم تر تلك الجهات عدم أهمية المشروع، بل إن تقديمها لملحوظات ومقترحات يؤيد أهمية المشروع، وأضاف رئيس لجنة الأسرة والشباب أن الأهداف الستة المذكورة في المقترح وجيهة جدا ومنها حماية المواطنين والمقيمين من الدعايات المضللة والتسويق الخادع لمنتجات وقال إننا ونرى ذلك بكثرة لدى مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، دون مراعاة لأي معايير أو شروط ضابطة لتلك المنتجات، ودون وجود رقابة عليها، مما يؤدي إلى مشاكل كثيرة فردية ومجتمعية، وأكد البلوي أن التداخل في الأنظمة الذي أوردته اللجنة وارد وليس مبررا لرفض المقترح وعليه كان ينبغي على اللجنة دراسة المقترح دراسة متأنية لمواده وتفاصيلها والخروج بمقترح ينظم هذا الشتات ويجعله نظاما يحدد المواصفات للمنتج والمعايير وإن اختلفت جهات المسؤولية حسب الاختصاص، وليس مبررا للجنة الرفض لهذا المقترح موضوعا دون دراسة محتواه، بل إن ذلك مبرر لأهمية وجود جهة تحكم الحوكمة والرقابة على الإعلان والتسويق. توجيه الرأي وقالت عضو الشورى السابقة الدكتورة نورة المري نائب رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي إن المأمول والمتوقع إذا تبنت اللجنة المختصة ملاءمة المقترح أن تعطيه حقه من الدراسة، لكن ما جعلني أعتقد أنه لم يأخذ حقه من الدراسة هو أن الأسباب الواردة حول رفض الاستمرار في دراسة المقترح هي نفسها التي عولت عليها اللجنة عندما دافعت عن المقترح وملاءمته للدراسة، فلو أن اللجنة تبينت لها أسباب أخرى غير موجودة سابقا كان بالإمكان أن تكون ردة الفعل في رفض رأي اللجنة والمطالبة بالتصويت ضده أقل، وكان بالإمكان الرجوع إلى الأنظمة العالمية ومقارنتها مع النظام الحالي أو على الأقل استشارة المتخصصين والتعديل عليه بدل رفضه كليًا وبذل الجهد المتناسب مع المشاكل التي يواجهها قطاع الإعلان والتسويق وضبط الفوضى عند بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي خاصة السناب شات الذين وصل أثرهم حتى إلى بعض الجهات الحكومية وأصبح مقياس الشهرة يأخذ أولوية في توجيه الرأي العام بغض النظر عن المحتوى، ولفتت المري إلى أن كل ذلك يستدعي المزيد من الأنظمة المشددة والموجهة لهذا القطاع تحديدا لتدعم المؤثرين الذين لديهم محتوى جيد وتحجم من المشاهير الذين لا يمتلكون محتوى يتناسب مع شهرتهم بل قد يكون أثرهم عكسيًا يحد من تطوير قدرات شبابنا وبناتنا ويقلل من ثقتهم بموروثهم الديني والثقافي، مؤكدةً حاجة قطاع الإعلان والتسويق إلى مزيد من الرقابة والضبط. غياب التنظيم وكان ممن تحدث أثناء مناقشة تقرير لجنة الثقافة بندر محمد عسيري عضو مجلس الشورى الحالي وقد نقل تجربته للمجلس في صناعة الإعلان والتسويق في قطاعات مختلفة لأكثر من 15 عاماً، وقال "كنت من ضمن عدد قليل من السعوديين العاملين في هذه الصناعة المليارية في السوق السعودي" وأكد أن التشتت التشريعي والتنظيمي فيها أدى إلى كثير من الظواهر السلبية، ومنها التستر وضعف المحتوى المحلي وتسرب ميزانيات التسويق وغيرها، كما أدى هذا الفراغ التشريعي والتنظيمي إلى ضعف في نمو الصناعة، حيث إن نسبة الصرف الإعلاني والتسويقي في المملكة لكل مستهلك منخفض جداً مقارنة بالأسواق المتقدمة، وأشار عسيري إلى أن الأنظمة المتعددة المذكورة في رد لجنة الثقافة والإعلام لا تغطي جميع الجوانب التنظيمية المطلوب توفرها لقيام صناعة إعلان وتسويق حديثة، فعلى سبيل المثال، لا يوجد تنظيم يعنى بقياس نسب المشاهدة والوصول لوسائل الإعلام، كما لا يوجد تنظيم يعنى بتأطير عمل شركات شراء المساحات الإعلانية MBUs وهي شركات تتحكم بصرف الميزانيات التسويقية، ولا يوجد تنظيم لشركات البحوث الإعلانية والتسويقية وهي شركات تعنى بقياس العائد على الاستثمار الإعلاني والتسويقي، وغير ذلك من النواحي التنظيمية المطلوبة لتأسيس صناعة فعلية متكاملة، وأكد أن هاجس تطوير نظام خاص بالإعلان والتسويق كان موجوداً لدى السلطة التنفيذية ذات العلاقة قبل عدد من السنوات، حيث اتفق وزير التجارة ووزير الإعلام في ذلك الوقت وبمشاركة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع على إنشاء فريق مشترك بين الوزارتين والهيئة لتطوير أنظمة ولوائح هذه الصناعة من أبعاد متعددة لما لها من أهمية، إلا أن تغير القيادات حال دون الاستمرار في ذلك، وختم عسيري "مشروع النظام أساس متين لتحقيق أهدافه، وإن كان ينقصه بعض التطوير والتحسين، ولكن ذلك لا يعني أنه لن يخلق النقلة النوعية التي اقترح من أجلها ولذا أدعو المجلس الموقر بالتصويت لصالح مشروع النظام". الثقافة والهوية وتحدث عبدالله رفود السفياني عن مشروعه المقترح وقال في جلسة الشورى التي جرى فيه مناقشة تقرير لجنة الثقافة وتوصيتها -التي لم تحظ بتأييد الأغلبية- وقال "بين أيديكم هذا اليوم القرار بشأن تشريع يسعى لمعالجة الاختلالات التي يعاني منها قطاع الإعلان والتسويق في بلادنا، والاستجابة إلى مطالب طالما صدحت بها قبة المجلس ووسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بضرورة تنظيم وتطوير هذا القطاع الحيوي وتنقيته من الممارسات الخاطئة والخطيرة اقتصادياً واجتماعياً وفكرياً، والارتقاء به من كل النواحي بما يواكب النهضة الاقتصادية والتشريعية التي تشهدها بلادنا الحبيبة اليوم" وأضاف أنه تقدم بهذا المشروع بعد دراسة مستفيضة لواقع قطاع الإعلان والتسويق في المملكة، والذي يعد أحد أكبر القطاعات في المنطقة وتستهدفه أهم شركات التسويق والاعلان، وراجع جميع النصوص التشريعية المنظمة لهذا النشاط في المملكة واطلع على الدراسات ذات العلاقة والممارسات العالمية لتنظيم نشاط التسويق والاعلان في مختلف دول العالم المتقدم وفي بعض دول الجوار، وقال: وجدت أن لدينا فراغاً تشريعياً في تنظيم بعض جوانب هذا النشاط، التي لا تزال تحكمها ممارسات ونصوص تشريعية تقليدية ولا تواكب الحراك الاقتصادي والاجتماعي في بلادنا والتي تمثل أحد أكبر الاقتصادات في العالم وتبين لي أن معظم دول العالم المتقدم وضعت أطراً تشريعية وتنظيمية لضبط وحوكمة الاعلان والتسويق والارتقاء بمختلف جوانبه المهنية، لتضمن جاذبية وازدهار هذا القطاع كرافد اقتصادي مهم، والمحافظة على الحقوق والقيم والثقافة والهوية، وتابع: لا أريد أن أستطرد في وصف أوجه الخلل في سوق الإعلان التجاري وأضراره التي وصلت حد التسبب في الأمراض والوفيات ولكني أشير إلى أن هذه النصوص التشريعية المبعثرة في خمسة عشر نظاماً عجزت عن وضع حد للغش والتدليس والخداع والتغرير وانتهاك الحقوق لأن الجهات المعنية مشغولة بمهامها الأساسية ولا تمثل الرقابة على سوق الإعلان مهمتها. د. عبدالله السفياني د. محمد الجرباء بندر عسيري