ستبدأ هذا الصيف "لجنة حرب أفغانستان" التي وافق على تشكيلها الحزبان الديمقراطي والجمهوري وأقرها الكونغرس الأميركي، تحقيقا مدته أربعة أعوام يتعلق بالأسس التي تم على أساسها شن الحرب في أفغانستان، وسير الحرب، وإنهائها. ويقول أندريو بيكر الذي يتمتع بخبرة أكثر من 10 سنوات في القطاع العام والذي حصل على برنامج كامل لأبحاث الدكتوراة في مجال العلاقات الدولية من جامعة أوكسفورد في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأميركية إنه يتعين الاهتمام بهذه اللجنة، وبالتقرير الذي سوف تصدره. وإذا ما أصدرت اللجنة تقريرا جيدا -نزيها وشاملا قائما على أساس الأدلة- فإنه سوف يكون دليلا وتوعية للجيل القادم بالنسبة للسياسة الخارجية والأمنية للولايات المتحدة. ويضيف بيكر أن اللجنة تمثل فرصة نادرة: فقد نهضت المؤسسات الديموقراطية الأميركية لطرح أسئلة محددة على الرجال والنساء المسؤولين عن الأمن القومي الأميركي، فلجنة الكنيسة في سبعينات القرن الماضي، ولجنة 11 سبتمبر مؤخرا اقترحت أن يتم مرة كل جيل إجراء مثل هذا النوع من التحقيقات التي يوافق عليها الكونغرس. وأوضح بيكر أن الأميركيين وافقوا على حرب أفغانستان وعلى دفع تكاليفها دون أن يفكروا كثيرا في حقيقتها أو سببها، ولذلك فإن تقرير لجنة حرب أفغانستان يمكن أن يكون لحظة أساسية بالنسبة للولايات المتحدة، وسوف يكون التقرير مهما إذا ما كان جيدا؛ وإذا أتيح للشعب الأميركي قراءته وبحث معناه وتداعياته بالنسبة للأمة كلها؛ وإذا ما دعا التقرير إلى إصلاحات حقيقية. والأمر الأكثر أهمية، فإنه إذا كان يتم البحث عن دليل على أن الديموقراطية ما زالت سائدة في أميركا، يؤكد التقرير أنه بعد عقدين من الحرب عينت الحكومة الأميركية أشخاصا قادرين ذووي روح عامة للتحقيق وتقديم تفسير واضح وصريح عما حدث في أفغانستان. ومع ذلك، فإن استكشاف وتحديد ما حدث بالضبط سوف يتطلب توجيه أعضاء لجنة حرب أفغانستان أسئلة محددة تشمل كل فترة أطول حرب أميركية. ويرى بيكر أن السؤال الأول الذي سوف يتعين على لجنة حرب أفغانستان الإجابة عنه هو كيف تمت الموافقة على الحرب؟ فالسلطات هي أوتار الأمن القومي الأميركي. وهي الخيط غير المرئي الذي يصل ما بين المقاتلين على الأرض وبين الشعب الأميركي، لذلك فإن السلطات هي المهمة. وهناك أنواع مختلفة من السلطات وهناك سؤال رئيس بالنسبة لأفغانستان وهو: ما الذي حدث وفق السلطات العسكرية، والمدنية وسلطات المخابرات؟ وكما يريد الأميركيون فهم السبب في أن القادة الأميركيين وجدوا من الصعب للغاية تحديد أهدافهم من الحرب، فإنه ينبغي عليهم أن يسألوا عن السبب في أن الولاياتالمتحدة وجدت من الصعب للغاية إيجاد مسار للتوصل إلى تسوية سلمية ناجحة ومستدامة في أفغانستان، وهذا ليس اعتبارا تاريخيا فقط، ففي عهد يشهد تنافسا بين الدول الكبرى، تحتاج الولاياتالمتحدة إلى أن تكون قادرة على التحدث مع أعدائها، وتحتاج إلى أن تكون قادرة على تحديد أهداف محدودة يمكن تحقيقها وسط أي صراع، وهذه الإمكانية مهمة بالنسبة لقدرة أميركا على تقييد أي صراع، والتحكم فيه ووقفه. ويقول بيكر أن هناك اتفاقا عاما بين كثير من المراقبين على أن طالبان حاولت التواصل مع الولاياتالمتحدة في الفترة بين 2002 و2005؛ لكن المسؤولين الأميركيين لم يفكروا جديا في التحدث مع طالبان أو بدء جهود تواصل جدية حتى 2010. وكانت زيادة عدد الجنود جارية وكان يمكن أن توفر ورقة مساومة مهمة في المفاوضات، لكن زيادة عدد الجنود كانت انعكاسا لسنوات قتال وتضحية أميركا في أفغانستان، وبحلول عام 2010 كانت المصالح والشكوك قد ترسخت لدى الجانبين بشكل عميق. وفي ختام تقريره يرى بيكر أنه بعد آلاف الضحايا وتريليونات الدولارات التي تم إنفاقها، من حق الشعب الأميركي أن يفهم لماذا كانت إطالة أمد حرب عقيمة أمرا أسهل كثيرا من السعي للتوصل إلى سلام ناجح. ومن بين كل الأسئلة التي يمكن أن تحاول اللجنة الإجابة عنها هذا هو السؤال الأكثر عمقا. فتفهم كيفية وسبب وموعد بدء أي قتال أو التحكم فيه أو وقفه هي المهمة الأساسية لفن الحكم. إن لجنة حرب أفغانستان توفر لأميركا فرصة فريدة بالنسبة للجيل الحالي، ليسأل ما إذا كان بوسع الولاياتالمتحدة القيام بمهمة أفضل في أفغانستان وما إذا كان بوسعها القيام بمهمة أفضل في مستقبل الإبحار في مخاطر العالم الخطير للغاية الذي تتم مواجهته. .