صدر عن مشروع مكتبة الأسرة بالهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب جديد بعنوان «في بيتي» للأديب المصري الراحل عباس محمود العقاد. يصحبنا العقاد في جولة بين رفوف مكتبته الوارفة العلوم والمعارف، فمكتبته ليست كأي مكتبة، هي روحه وعالمه الخاص الذي صاحب فيه شتى فنون الآداب والتاريخ والفكر والعقيدة والسياسة؛ فأخرج لنا نفائس المؤلفات. ويبدأ العقاد كتابه بحديث مجرد عن عشقه للنور، وحبه لمدينة الشمس «أسوان»، فالكتاب ليس مجرد وصف لبيت العقاد، ولا مجرد جولة داخل مرافقه، بل حياة وإحياء، أفكار وآراء. وتظهر من خلال الكتاب فلسفته الخاصة بالأشياء المحيطة به، فالكتاب يجعلك توغِل أكثر في شخص العقاد، ففيه تَنقُّل بين الموضوعات المختلفة في رشاقة فكرية عظيمة الأثر، قوية المعنى، واضحة العرض. كان العقاد ذا ثقافة واسعة، إذ عرف عنه أنه موسوعي المعرفة، فكان يقرأ في التاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، وقرأ واطلع على الكثير من الكتب، وبدأ حياته الكتابية بالشعر والنقد، ثم زاد على ذلك الفلسفة والدين، ولقد دافع في كتبه عن الإسلام وعن الإيمان فلسفياً وعلمياً ككتاب «الله» وكتاب «حقائق الإسلام وأباطيل خصومه»، ودافع عن الحرية ضد الشيوعية والوجودية والفوضوية (مذهب سياسي)، وكتب عن المرأة كتابا عميقا فلسفيا أسماه هذه الشجرة، حيث يعرض فيه المرأة من حيث الغريزة والطبيعة وعرض فيه نظريته في الجمال. وجاء إعادة إصدار كتابه «في بيتي» بمكتبة الأسرة، لمساعدة القراء على اقتناء الكتب، ومعرفة تاريخ الآخر، وفكره، وأدبه، وفنه، علما بمقولة: «كلما تعرفت على الآخر، شريك المواطنة، وشريك العيش في هذا الكوكب، اكتسب الوجود معنى، واتضحت أمامنا الأهداف السامية للحياة». والكتابة تمثل الوسيلة الأهم لتعزيز هذه القيم الإنسانية المهمة لدى الأسرة والأفراد، وفي تعزيز الجانب الوطني لدى أبناء الوطن الواحد. وتسعى الهيئة المصرية العامة للكتاب، نحو هذا التوجه، وهو العمل على إعادة طباعة إصدارات عدد من الكتاب الكبار الذي كان لهم حضورهم وتأثيرهم البالغ على الحركة الثقافية العربية في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي، والذي ساهم عدد منهم في دعم لغتنا العربية الجميلة بمؤلفات وكتب كانت مثالا للأدب الراقي الذي ظل مؤثراً في أبناء العربية حتى يومنا هذا، وكذلك فيما يخص الجانب الفكري والمعرفي الذي وجد هو الآخر ثراء كبيراً عزز قيمة الكاتب العربي عربياً وعالمياً وأكد على وجود قامات عربية عملاقة في الجوانب الأدبية والإبداعية وفي حرصها وحمايتها للغتنا العربية العريق التي تستمد عزتها وقيمتها من القرآن الكريم، كتاب الله العزيز.