أقيمت على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب 2022م ندوة بعنوان: "كتّاب الرأي في الصحف: تنويريون؟ شعبويون؟ مجاملون؟"، استعرضت مسيرة تطور المقالة والتحديات التي تواجه كتّابها، ومسؤوليتهم ودورهم في رفع وعي القارئ، وشارك في الندوة رئيس تحرير صحيفة "الوطن" عثمان الصيني، والروائي عبدالله بن بخيت، والكاتب في جريدة "عكاظ" خالد السليماني، وأدارها الإعلامي مفرّح الشقيقي. وفي بداية الندوة نفى ابن بخيت أن يكون كاتباً شعبوياً، وتحدث عن تجربة المقالة الصحافية التي مرّت بكثير من التعقيدات في الثمانينيات والتسعينيات، حين كانت الصحوة في أوج قوتها وتغلغلها، ووصف الألفية الميلادية الجديدة بأنها المرحلة الذهبية للمقالة. وأشار الصيني إلى أنّ جميع كتّاب المقالة يدّعون أنهم تنويريون، حتى لو كانوا أيديولوجيين، وأضاف: "أتصور أن الكاتب في داخله بذرة قلق إن تحركت كَتَب، بغض النظر عن التصنيفات"، لافتاً إلى أن معركة الكتابة الأولى كانت في الثمانينيات "عندما كنّا نكتب في قضايا الثقافة والحداثة بشكل عام وتجاوزنا ذلك بعد الألفية، وأصبحت مساحات التنوير ومجالاته والرؤية التي ننطلق بها الآن مختلفة عما كانت عليه قبل الألفية". أما السليمان فعدّ نفسه كاتباً متغيراً مع مراحل حياته، " فالكاتب الذي لا يتغير لديه مشكلة". وتساءل الشقيقي عن الرقيب على مقالات رئيس التحرير ومن يجيزها؟ وأجاب الصيني بأن "من يجيز المقال هو المسؤول عن صفحات الرأي، لكن الإجازة عادة تعتمد على كيفية كتابة المقالات، حيث إن أي موضوع مهما كان حساسًّا يظل قابلًا للكتابة، والمهم كيف يكتب؛ ولذلك كنّا ننشر في معظم الموضوعات بعد حل الإشكاليات الصياغية والأسلوبية في المقالة". وقال السليمان عن جدوى الاهتمام بكتابة المقالة في الصحف ومدى فاعليته: كتابة المقالة لا تتعلق بالوسيلة، والمقالة ليس مرتبطة بالصحافة الورقية، بل إن التحول الرقمي اليوم أسهم في وصول الكاتب بشكل أسرع للقراء، ومنح المقالة مساحات جغرافية أبعد. وأكد أن المقالة لا تزال أقوى تأثيرًا لدى صاحب القرار، وهي أمضى من التغريدات؛ لأن المقالة تقدّم الفكرة بشكل أعمق وأكثر احترافية، وسوف يستمر تأثيرها حتى لو توقفت الصحافة وتحوّلت المقالة إلى منصة إلكترونية. واتفق ابن بخيت مع ما ذكره السليمان، لكنه حذّر من احتمال تلاشي الكاتب الصحافي الحقيقي خلال عشر سنوات؛ بسبب غياب العائد المادي، وانهيار الصحافة، "لن يكتب أحد تطوعًا، ولم تعد الصحافة مغرية للجيل الجديد، وانهيار الصحافة سيؤدي إلى غياب كتّاب حقيقيين". ورد الصيني: كمية القرّاء عبر وسائل التواصل أكبر، والعائد المادي للكاتب هو مشكلة تتعلق بالمؤسسات نفسها، وليس مشكلة صحافية. وتعقب ابن بخيت: الصحافة الإلكترونية لم تقدم لنا كاتب رأي يتفوق على كاتب الصحف الورقية، والصحافة الورقية المتخصصة هي التي قدمت كتّاباً لن يتكرروا، وعلى كتّاب الرأي مسؤولية وعي فهم متطلبات ومتغيرات المجتمع، للمواءمة بين الإعلام التقليدي والجديد؛ لأن وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة تعتمد في محتواها المتداول على ما يُنشر في الصحافة، فلو اختفت الصحافة فلن يجد أرباب هذه المواقع محتوى للمناقشة والنشر، كما أن على المؤسسات الصحافية أن تواجه الأزمة وتعمل على إصلاحها وتحويلها إلى مؤسسات تجارية دون إغلاق الصحف نفسها" لأن مهنة الإعلام نفسها باتت في خطر".