نيابة عن الملك.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة ب"مؤتمر القمة الإسلامي"    «البدر» اكتمل.. و رحل    انطلاق فعاليات شهر التصلب المتعدد بمسيرة أرفى بالشرقية    باكستان تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    مصر: الفنانة السورية نسرين طافش تستأنف على الحكم بحبسها 3 سنوات.. الأربعاء    جيرارد: محبط بسبب أداء لاعبي الاتفاق    غاياردو يغيب عن المؤتمر الصحفي بعد ثلاثية أبها    جوتا: لا نفهم ماذا حدث.. ونتحمل مسؤولية "الموسم الصفري"    التسمم الغذائي.. 75 مصاباً وحالة وفاة والمصدر واحد    توقعات بهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    توافق سعودي – أذربيجاني على دعم استقرار "النفط"    "زرقاء اليمامة" تفسر أقدم الأساطير    رحل البدر..وفاة الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر ناهز ال75 عاما    "تسلا" تقاضي شركة هندية لانتهاك علامتها التجارية    الذكاء الاصطناعي يبتكر قهوة بنكهة مميزة    3 مخاطر لحقن "الفيلر" حول العينين    بدء إجراءات نقل السيامي "عائشة وأكيزا" للمملكة    إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية مرتفعة    انخفاض أسعار النفط في أكبر خسارة أسبوعية في ثلاثة أشهر    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو الأوروبي    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    "الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    «الأونروا»: الصراع في غزة مستمر ك"حرب على النساء"    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    اليوم المُنتظر    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    عقد المؤتمر الصحفي لبطولة "سماش السعودية 2024" في جدة    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    ميتروفيتش: لم نحسم لقب الدوري حتى الآن    إدانة المنشأة الغذائية عن حادثة التسمم الغذائي وإغلاق فروعها بالرياض والخرج    توسيع نطاق الاستثناء الخاص بالتصرف العقاري    غداً.. منع دخول المقيمين لمكة دون تصريح    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    «الدفاع المدني» محذراً: التزموا البقاء في أماكن آمنة وابتعدوا عن تجمُّعات السيول    «البيئة»: 30 يومًا على انتهاء مهلة ترقيم الإبل.. العقوبات والغرامات تنتظر غير الملتزمين    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    كيفية «حلب» الحبيب !    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فجوة بين مخرجات أقسام الإعلام والعمل في المجال الإعلامي
نشر في الرياض يوم 31 - 08 - 2022

إيمانًا بأهمية خلق إعلام هادف وبنّاء، يهتم بإحداث التغيير والتأثير، لتوظيف الرسائل الاتصالية المختلفة التي تخدم الدول والشعوب، نفذت صحيفة الرياض ندوة بعنوان «مخرجات أقسام الإعلام في المملكة ودور الصحف الجامعية في التدريب والتأهيل»، وذلك لبحث مدى مواكبة مخرجات الإعلام لمتطلبات المرحلة الحالية، وآلية خلق توافق بين التكوين الأكاديمي والمهني، ودور الصحف الجامعية في تأهيل كوادر إعلامية متخصصة ومُمَارِسة.
مهارات طلاب الإعلام ابتدائية وغير متخصصة ولا تتناغم مع متطلبات سوق العمل
وعقدت الندوة بمشاركة كل من أستاذ الإعلام المشارك الدكتور حمزة بيت المال وعضو مجلس الشورى الأستاذ الدكتور علي بن شويل القرني وأستاذ الإعلام السياسي الدكتور عبدالله العساف والمستشار الإعلامي الدكتور تركي العيار.
وأوضح رئيس التحرير أ. هاني وفا، خلال كلمته الافتتاحية، أن موضوع هذه الندوة من الموضوعات المهمة؛ كون الإعلام يعد أحد الأسلحة القوية في الدول، التي تشكل الأفكار والآراء، وتحدد منطلقات الشعوب، مشيرًا إلى أن هذه الندوة تهدف لإيجاد حلول ومقترحات لتخريج كوادر مميزة وقادرة على ممارسة الإعلام بكل صوره وأشكاله، سواءً الإعلام التقليدي أو الجديد، كما تهدف لبحث آليات جديدة لخلق إعلام مواكب للتطور الذي تشهده هذه المرحلة.
الصحف الجامعية من أهم الأذرع التدريبية لأقسام وكليات الإعلام ولها دور أساسي في بناء الطالب وتأهيله
*الإعلام بين الهواية والشهادة
وفي بداية الندوة تحدث د. حمزة في محور الإعلام بين الهواية والشهادة، حيث أكد أن علم الإعلام هو أصل مشتق من علم الاتصال الإنساني، وهو مهارة يمتلكها كل إنسان وقد تتعلم بشكل منظم علميا أو تكتسب بالممارسة والصح والخطأ، وممارسة الإعلام ليست حكراً على متخصصي الإعلام فقط.
وقال يجب أن نفرق بين ممارسي الإعلام فهم ليسوا جميعا سواء، فهناك ممارس إعلامي في الشأن العام، وممارس إعلامي متخصص، فالممارس الإعلامي في الشأن العام، هو شخص مثقف ثقافة عامة ويستطيع التقاط القضايا ذات الاهتمام العام أو تفسير الأحداث ومخاطبة العامة بها، أما الممارس المتخصص فهو شخص يكتب مقالات القراء وتحليل الظواهر في مجال تخصصه العلمي واكتسب ممارسة العمل الإعلامي عن طريق التجربة، ومختص الإعلام هو من يحقق أهداف الجمهور المتلقي في إطار يخدم الصالح العام.
الإعلام الجامعي تكوين أكاديمي يفتقر للممارسة المهنية
*إشكالية تعليم الإعلام
وذكر د. حمزة بيت المال أن هنالك خلافا بين من يعتقدون بأن تعليم الإعلام يجب أن يكون علميا محضا وبين من يعتقدون أنه تطبيقي محض، والاتجاه التصالحي في هذا هو التوازن على المستوى الجامعي بين العلم المحض والتطبيق، أما في المعاهد التطبيقية فإن الأولوية للتطبيق وخاصة في الموضوعات الفنية والهندسية مثل المصمم والمصور الفوتوغرافي، والتلفزيوني، وفني الصوت والكاميرا... الخ.
مؤسسات تعليم الإعلام تأخرت في الاستجابة للمتغيرات التقنية المتطورة
حيث كشفت لنا وسائل التواصل الاجتماعي الآن ما كان غير معروف للعامة فقد ظهرت الكثير من المواد غير المسؤولة لم نرها في السابق لأن الاتصال الإعلامي اتصال مؤسسي يضع مصلحة المجتمع فوق مصلحة الفرد الخاصة الذي قد يكون هدفه السعي للشهرة.
بحوث أعضاء هيئة التدريس في مجال الإعلام نظرية بحتة بعيدة عن البحوث التطبيقية
*نجاح غير المختصين في الإعلام
وعن عوامل نجاح غير المتخصصين في الإعلام قال د. علي القرني: في كل مجال تقريبا وليس الإعلام فقط، فأصحاب المواهب الفائقة يترقون في أدائهم المهني بحكم المواهب التي يمتلكونها وشغفهم بالمهنة، ولكنهم قليلون نادرون، وفي ذات الوقت فإن الدراسة المتخصصة لها أهميتها فهي تعطي ما وراء العملية الإعلامية.
خطط ومقررات أقسام الإعلام نظرية وغير مجدية ويجب إعادة النظر فيها
وقال د. حمزة: بالنسبة للممارسين الذين لم يتلقوا أي تعليم منظم في الإعلام فهم يمتلكون مهارات اتصالية تميزهم عن غيرهم من البشر، ولديهم ملكة أو موهبة لمخاطبة العامة سواء كتابيا أو شفهيا، ولديهم مقدرة لالتقاط موضوعات الاهتمام العامة، كما أنهم بنو نجاحاتهم على الصح والخطأ والتعلم.
قيادات الجامعات لا تؤمن بأهمية الصحف الجامعية
*الفجوة بين التدريس والممارسة
وعن تقنيات الاتصال المعاصرة وتعليم الإعلام والفجوة بينهما أكد د. حمزة أن مؤسسات تعليم الإعلام ترددت كثيرا في الاستجابة لمتغيرات الوسيلة، والسبب هو أن التغيرات في الوسيلة هي في الأصل تغيرات تقنية والتقنيات تطورت بعلوم ونظريات ليست إعلامية، فالعمل الإعلامي هو عمل على المضمون بشكل أساسي، والوسيلة وتقنياتها هي عمل مكمل كأدوات لبناء المضمون، لذلك لا يجب أن يلام أحد في مجال الإعلام عما يحصل لحالة الصناعة الإعلامية المعاصر، فهناك تقنيات متسارعة في التطور لدرجة أن هناك فجوة أصبحت داخل الجيل نفسه.
في حين أكد القرني أن سبب وجود فجوة هو أن المهارات التي يكتسبها الطلاب لا تتناغم مع متطلبات سوق العمل، كما أن المهارات التي تُعطى في الأقسام والكليات هي مهارات ابتدائية عامة وليست متخصصة، والبحوث التي ينتجها أعضاء هيئة التدريس هي بحوث نظرية بحتة بعيدة عن البحوث التطبيقية.
يجب خفض أعداد القبول في أقسام الإعلام وربطها بالمقابلات المهنية
*مواءمة مخرجات الإعلام
وعن مخرجات الإعلام ومدى ملاءمتها للمرحلة الحالية قال د. علي شويل: لو ألقينا نظرة على خطط قسم الإعلام خلال 40 سنة الماضية نجدها ضمن التخصصات التالية: الصحافة والإذاعة والتلفزيون.. إلخ، ولم تستجد تخصصات أخرى تكون أكثر دقة.
أما الأقسام لدينا فما زالت على التقسيمات التخصصية نفسها السابقة، نعم يوجد تعديلات بسيطة لكنها شكلية فحسب، ولو تساءلنا عن مواكبة أقسام الإعلام وكليات التخصصات الدقيقة أو بالأحرى سوق العمل ومتطلباته فالإجابة هي: لا؛ فالخطط والمقررات لديها مقررات نظرية وليست مجدية ومن المفترض أن يكون التوجه في تلك الأقسام ذا قيمة.
*غياب الإعلام المتخصص
وعن أسباب غياب الإعلام المتخصص تحدث د. عبدالله العساف قائلًا إن الإعلام رسالة وليس وظيفة، وربما يكون الإعلام رابع الوسائل مع السلاح الجوي والقوات البرية والقوات البحرية، وقد لمسنا ذلك خلال الفترة الماضية التي تعرضت فيها المملكة العربية السعودية لضخ إعلامي كبير يستهدف شخصيات سياسية والسعودية بشكل عام.
فالإعلام قبل أن يصبح مهنة هو رسالة وموهبة، والإعلامي يولد قبل أن يصنع، لذلك ليس كل من درس الإعلام إعلاميا.
اليوم نحن بحاجة لصناعة إعلام متخصص في الاقتصاد والسياسة والرياضة والبيئة والسياحة، وغيرها، كما أننا ما زلنا نعاني من عدم وجود معايير معينة خاصة بالإعلام على الرغم من جودة المعايير المعمول بها، فنحن لم نتعامل مع الإعلام المتخصص كما يجب وما زال تعاملنا معه وفق العقليات القديمة وحسب التخصصات السابقة كالتلفزيون والإذاعة والصحافة والعلاقات العامة.
إن الإعلام المتخصص مفقود اليوم، وسيعقد في جامعة الملك سعود بعد عدة أشهر مؤتمر يتحدث عن الإعلام المتخصص -المستقبل والواقع-.
*تحديات أقسام الإعلام
وحول أهم التحديات أمام أقسام وكليات الإعلام قال د. علي القرني: من أهم التحديات هو أعداد الطلاب المقبولين في أقسام الإعلام في الجامعات السعودية مبالغ فيها، وعلينا التركيز على ما يتطلبه سوق العمل والعمل على تخريج طلاب يمكن الاستفادة منهم في سوق العمل، لذا لا بد من إعادة النظر في سياسة القبول في هذه الأقسام، المطلوب في السوق هو تخصصات دقيقة وليس تخصصات عامة.
كذلك من التحديات هو أن تعريف الوظائف في وزارة الموارد البشرية لا يستوعب تخصصات الإعلام، كذلك الخطط الدراسية لا تزال بعيدة عن التغيرات الموجودة في سوق العمل، فضلًا عن وجود نحو 30 ألف وظيفة لغير السعوديين في الصناعة الإعلامية السعودية.
وعلق د. عبدالله: كثير من الطلاب المتقدمين يتوجه لقسم العلاقات العامة، لاعتقادهم أن خريج العلاقات العامة يُقبل في جميع المجالات.
وفيما يتعلق بقبول الطالب في أقسام الإعلام، فيفترض أن تكون هناك مقابلة مهنية قبل دخول الطالب إلى كلية الإعلام، لأنها كلية تطبيقية مهنية، إلا أنه حقيقة لا توجد بالفعل معايير للقبول تساعد الطالب على توجيهه للتسجيل.
وتداخل أ. خالد الربيش مدير التحرير للشؤون الاقتصادية، قائلًا: أجد الضيوف يتكلمون في اتجاه واحد وهو أن أقسام الصحافة قد قدمت ما عليها وخرّجت مؤهلين، ولكن الواقع مختلف، وكمثال على ذلك، نحن هنا في جريدة الرياض يأتينا متدربون عند منتصف السنة الدراسية أعدادهم بين 10 و12 شخصاً، منهم ثلاثة أو أربعة في قسم الاقتصاد، ولا أخفيكم أنه مرَّ عليَّ نحو 20 متدربًا في القسم لا يقدر واحد منهم على كتابة خبر صحفي، فضلاً على فهمه لأبجديات الاقتصاد، فهل هذا يعود إلى ضعف في الشخص نفسه لعدم تطوير مهاراته أم هو ضعف في الأقسام أم هو ضعف عائد على الطرفين؟
وعلى جانب آخر أرى أن المسمى الأفضل للإعلام التقليدي هو "الإعلام الرصين"، فهو الأساس في نشر الأخبار، حيث يمكن أن نجد الأخبار على صفحات السوشال ميديا لكننا نعود إلى المصادر المعتمدة والموثوقة للتأكد من مصداقيتها.
كما أن على أقسام الإعلام في الجامعات بيان أهمية الإعلام وأبعاد رسالته، وألا يُختزل الإعلام في صحيفة ورقية تطبع في آخر اليوم، لأن الصحافة إذا فُرّغت وكانت مخرجات أقسام الإعلام لا تتناسب مع توجهات الإعلام الحقيقي، فإننا سنصل إلى مرحلة الصفر ويتحكم في الإعلام أصحاب السوشال ميديا والأهواء.
أجاب د. عبدالله العساف: المشكلة ليست لدى الجامعات، بل إن المؤسسات الصحفية عليها دور مهم أيضاً في هذا الجانب، فالمشكلة مشتركة وتحتاج إلى تجسير الفجوة، فالطالب يبحث عن الشهادة الجامعية ليتمكن من التوظيف بها فهذا همه الأول.
إن المشكلة تكمن في أننا حين ندرب الطالب في الجامعات فإننا ندربه على حسب إمكاناتنا وهي غير كافية وغير كاملة، لا تقنياً ولا مهارياً، أضف إلى ذلك بعداً آخر حيث تجد أن المتدربين عبء على تلك المؤسسات.
يجب أن نعي أن تأهيل هؤلاء الشباب يساهم في حماية السعودية والدفاع عنها، كما يفعل الجنود على الحدود وساحات القتال، فالإعلامي بقلمه وصوته قادر على الدفاع عن المملكة، فنحن بحاجة إلى هؤلاء الإعلاميين في سائر المجالات الاقتصادية والسياسية والتاريخية، ونجد الكثير من الإعلاميين الناجحين في المملكة من غير خريجي الإعلام وذلك بأنهم دخلوا هذا المجال من باب المهنة وليس من باب الشهادة فقط.
وعلق د. حمزة بيت المال: إن التوجيهات الحديثة بحسب المؤسسات الأكاديمية المعتمدة تعمل وفق قاعدة جديدة أطلق عليها (80 - 20 ٪) أي 80 ٪ تأهيل علمي عام بجميع التخصصات، و20 ٪ من المقررات تركز على التخصص فقط، ولدينا نجد صراعاً في قسم الإعلام لنوصل النسبة إلى 50 - 50 ٪ فقط، ورغم ذلك نجد البعض غير مقتنع بأنه كيف يتخرج الطالب دون دراسة نظريات الإعلام، بينما في أميركا نجد أن نظريات الإعلام ومناهج البحث حُولت لدراستها في مرحلة الماجستير والدكتوراه، لذا فالمعادلات العالمية لتدريس الإعلام تسعى لإنتاج شخص مثقف؛ استجابة لتغيرات سوق العمل والتحولات في الاتصال المؤسسي.
*الصحف الجامعية والتدريب
وعن دور الصحف الجامعية في تأهيل وتدريب الطلاب أكد د. تركي العيار أن الصحف الجامعية يبقى على عاتقها دور مهم في التدريب؛ لأن التدريب من أسس إنشاء تلك الصحف، وقد كان لهذه الصحف الجامعية دور في تهيئة الطالب للعمل المهني، وإن كانت أجواء الصحف اليومية تختلف عن الجامعية، بحكم أن الصحافة اليومية الدورية لديها ما يكفي من الإمكانات والأعمال الكبيرة التي تصقل موهبة الطالب المتدرب، لذا فالتدريب أمر مهم جداً في الصحف الجامعية، والأهم منه نزول الطالب إلى الميدان لتغطية الأحداث وكتابة الخبر وإعداد التقارير، والممارسة في الأقسام المختلفة كالتحقيقات الصحفية وكتابة المقال.
أما عن مستقبل الصحف الجامعية، وهل بإمكانها أن تستمر، فإننا نرى صحفاً يومية دورية بدأت تتهاوى وتعاني من اختلافات مالية، وتأثير ذلك بدا واضحاً عليها، بالرغم من أنها صحف ذات رأسمال وشأن وتاريخ عريق، إلا أنها بدأت بتقليص أعداد موظفيها والمكافآت والصفحات وأعداد التوزيع ونسبة الإعلان، فالصحف الجامعية لا شك أنها ستتأثر من هذا الواقع، وأرى أن هناك توجهات من الصحف الجامعية إلى إلغاء النسخة الورقية والبقاء على النسخة الإلكترونية، فمستقبل الصحف الجامعية غير مضمون، إلا إذا كان مجال التدريب سيتغير من التدريب التقليدي إلى التدريب الذي يتطلبه سوق العمل الحالي؛ فالمتطلبات والمعايير اختلفت عن السابق تمامًا.
وأكد العيار أن الصحف الجامعية أدت دوراً كبيراً جداً عندما كان للصحافة الورقية بريق ووهج، والدليل أن أغلب من يقود الصحف الورقية حالياً هم من خريجي أقسام الإعلام.
*تسطيح ثقافة الطلاب
وعلق د. علي شويل: بدأت الجامعات السعودية تتخلى عن دعم الصحف الجامعية، وتوقفت بعض الصحف وتحولت بعضها إلى الكترونية، وفي هذا يجب أن ننظر للجامعات العالمية.
كما أن دور الجامعات هو صناعة جيل قارئ ولا يمكن أن نشهد هذا الجيل دون أن يتعود على القراءة، فالصحف الجامعية إحدى أهم العادات القرائية، ومن يقول إن الموقع الإلكتروني للصحف يكفي مخطئ لأنه لا يوجد من يبحث في موقع إلكتروني للجامعة من أجل أن يجد موقع الصحيفة الجامعية ليقرأها، والجامعات والمؤسسات التعليمية بهذه الطريقة تقوم بتسطيح ثقافة هذا الجيل.
*انحسار الإعلام الورقي
وعن انحسار الصحف الجامعية، قال د. علي شويل: هذا صحيح، فحتى الآن نجد أن قيادات الجامعات ليس لديها قناعات بأهمية الصحف الجامعية، فيتم إيقاف الصحيفة الورقية أو يتم سحب الدعم المادي لها أو تفريغها من الموظفين، والذي ولّد هذه القناعة لدى القيادات الجامعية هي المؤسسات الصحفية من خلال انحسار الجانب الورقي لها، ما أدى إلى تثبيت هذه الفكرة لدى الجامعات.
وقال: أود الإشارة إلى ما نشره أحد الكتاب الأميركيين قبل سنوات في كتاب له مع انتشار ظاهرة انحسار الإعلام الورقي من خط بياني يوضح ذلك، فيقول إن أميركا ستقذف آخر صحيفة ورقية في العام 2040 أو 2042، إلا إذا نجحت الصحف أو المؤسسات الإعلامية في إيجاد (Business Model - نموذج الأعمال) عندها ستتمكن من إنقاذ نفسها، وهذا ما نجده في المؤسسات الإعلامية في أميركا كنيويورك تايمز وواشنطن بوست وغيرها، ما مكّنها من صنع إيرادات كبيرة جداً تفوق الورقي.
وتابع د. القرني: أما الصحف الجامعية، ومن يقول إنها غير مهمة، فمن خلال الإحصاءات التي لدي نجد أن أفضل (10) جامعات أميركية تملك صحفاً ورقية، مثلاً صحيفة جامعة بنسفيينا ورقيا 13 ألف نسخة وإجمالي الإسبوعي 65 ألف نسخة، صحيفة جامعة ييل: يومية ورقية مع ملحق خاص في نهاية الأسبوع، وتطبع مجلة شهرية وهي الصحيفة رقم 1 في الجامعات الأميركية، صحيفة جامعة سيراكيوز بولاية نيويورك، معدل مقروئيتها 20 ألف قارئ للعدد الواحد، تطبع سنويا 117 عددا، وصحيفة جامعة كورنيل تصدر منذ 140 عاما، وتطبع يوميا من الاثنين إلى الجمعة، صحيفة جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس UCLA تطبع يوميا، أثناء الفصلين الدراسين، وتطبع مرتين يوميا أثناء أسابيع الاختبارات، وتطبع أسبوعيا في الفصل الصيفي، وصحيفة جامعة دوك، تصدر أربعة أيام في الأسبوع أثناء الفصول الدراسية، وتطبع 30 ألف نسخة يوميا... إلخ..
*أذرع تدريبية
وأكد د. القرني أن الصحف الورقية ما زالت تعيش، والصحف الجامعية هي أذرع تدريبية لأقسام وكليات الإعلام، وأنا ما زلت من أنصار الصحف الجامعية وأن لها دورا أساسيا في بناء الطالب، والصحيفة الإلكترونية لا تغني عن الورقية، فقلما نجد الطلاب يتصفحون موقع الجامعة والاطلاع على صحيفتها الإلكترونية، إن التدريب الجامعي مهم للطالب لذا علينا المحافظة على الصحيفة الجامعية.
وتداخل أ. هاني قائلًا:
أعتقد أن الصحف الجامعية فقدت دورها الأساسي في التدريب وبقيت واجهة إعلامية للجامعة وبموظفين، علمًا بأن التدريب جزء من العمل الأكاديمي وليس ترفاً خاصة في هذه المهنة.
وعلق الدكتور علي بن شويل: أوافقك الرأي، والقائمة التي لدي عن الجامعات الأميركية تبين أن القائمين على الصحف الجامعية لديهم كلهم طلاب، وهذه نقطة مهمة وهي تعزيز دور الطالب الجامعي، وأذكر هنا صحيفة آفاق في جامعة الملك خالد عندما كنت مسؤولاً عنها، أشركنا الطلاب بشكل كبير حتى جعلناهم يتناوبون على رئاسة تحريرها، وما زالت الصحيفة مستمرة إلكترونياً وبشكل محدود ورقياً.
فيما علق د. تركي:
لا بد أن نواكب التطورات والتغيرات، ونترك بصمات ليس في الصحف الجامعية، بل في الصحف اليومية أيضاً، هناك صحف أميركية وبريطانية ودولية لها مئات السنين قد تأثرت، لا بد أن نؤمن أن الواقع الذي نعيشه واقع متغير، وعلينا أن نواكب مهما كان هذا التغير مؤلماً.
يحز في أنفسنا كصحافيين وأكاديميين وإعلاميين مهنيين أن نرى بريقنا وحضورنا يقل عن ذي قبل، وأن نظرياتنا وتوجهاتنا لم يكن لها ذاك التأثير الذي كان في يوم من الأيام، ولكنها أعطت المعرفة والتأهيل والتأسيس إلى أن خضنا الواقع وعشناه، فيجب أن لا نتذاكى على الماضي وألا نعيد تلك الأمجاد لأن القطار يسير نحو الأمام فلا بد أن نعمل وفق هذا المتغير ونعيد حساباتنا وتقييمنا، ونضع خططاً وإستراتيجيات ونطور من موظفينا ومناهجنا لمواكبة التغييرات التي لن تقف عند حد معين، لماذا لا نفكر في الاستفادة من تجارب الغرب؟ لعلها تكون لنا مخرجاً، وهذا لا يقلل من شأننا، فالوضع لو ترك على حاله سوف يتفاقم.
*السيطرة على الصحف الجامعية
وتداخل د. حمزة مؤكدًا بأن شهية إدارة الجامعات لم تتوقف في السيطرة على الصحف الجامعية، حيث باتت تنظر إلى الصحف الجامعية على أن تكون احترافية بعيدة عن أي أخطاء تدريبية.
واختتم قائلًا: خلال مناقشاتنا كلها هذه غفلنا عن العنصر الأساسي في الاتصال ألا وهو الجمهور، حيث يجب فهمه أضعافاً مضاعفة.
التوصيات
خلصت الندوة في نهايتها إلى عدد من التوصيات كان من أبرزها:
1- إعداد دراسات مسحية للجمهور، لمعرفة ميول ورغبات الجمهور في الإعلام الحالي، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في كيفية مواجهة التحديات الراهنة في الإعلام.
2- إطلاق مبادرة وطنية على مستوى المملكة تشارك فيها مختلف الجهات من وزارات تعليم وإعلام وثقافة وغيرها، لصناعة عادات للقراءة لدى الشباب وزيادة المطبوع من الكتب والصحف والمطويات، لأن الفهم الحقيقي لأي موضوع يكون من خلال القراءة وليس الاستماع.
3- تعزيز دور الطالب الجامعي في التدريب العملي في الصحف الجامعية والمؤسسات الإعلامية
4- خفض أعداد القبول في أقسام الإعلام وربطها بالمقابلات المهنية.
5- إعادة النظر في التعريف بدور المؤسسات التعليمية الأكاديمية والمؤسسات الإعلامية المواكب لواقع تقنية الاتصال العديدة، وأن يكون هناك فهم مشترك بين هذه المجموعات ودور كل واحد منها بما يتواكب مع معطيات الواقع المعاصر.
ضيوف الندوة
د. حمزة بيت المال
أ.د. علي بن شويل القرني
د. عبدالله العساف
د. تركي العيار
حضور الندوة
هاني وفا
خالد الربيش
سليمان العساف
سعد السويحلي
ناصر العماش
سارة القحطاني
سارة العيسى
رنا المطيري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.