صاحبة المعالي، رؤيتنا الوطنية 2030، ائذني لي أن أقف معكم عدّة وقفات، فرغم أنّ صيتكم قد ذاعَ، ويعرفكم القاصي والداني؛ إلا أنّ لي رغبةٌ أن تلقوا الضوء على مسيرتكم الوضّاءة، حدثينا عن البدايات؛ المولد، النشأة، موقعكم الآن، وما أنتم عازمونَ عليه. بكل سرور، كانت البدايات صعبة، تخللها عقبات؛ إلا أنّ الطموحات أكبر، فالإصرارُ زادنا، والحزمُ رائدنا، والعزمُ قوّتنا، كانت الانطلاقة في أبريل من العام 2016 وذلك من خلال اللقاء الشهير لعرّابنا موقد شعلتنا، الساهر على مسيرتنا، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية، لن ينسى التاريخ تلكم الانطلاقة وتلكم الوقفة التي أخذ سموّه يحفظه الله بشرح رؤيتنا ورسالتنا وخطواتنا والأركان الأساسية التي نعتمدُ عليها بعد الله، ولن ينسى التاريخ ومؤرخوه العشرين من شهر أكتوبر للعام 2017 حينما أخرج سموّه الهاتفين ليوضّح مدى الفارق بين الحاضر والمستقبل لرؤيتنا، ومنها إقامة مدينة نيوم، وسيكتب التاريخ مقولة سموّه أنّ لا يمكن لأي كائن من كان أن يوقف الرؤية الوطنية، فالهدف سامٍ والغايةٌ رفعة وطنٍ شامخ يُضاهي بل يبز كثيراً من الدول، وسيتفوق عليها بإذن الله، فكل الإمكانات سُخّرت وأولاها التوكل على الله والأخذ بالأسباب والسعي إلى مستقبلٍ يحلم به الجميع. أقول كانت الانطلاقة تحفها بعض المخاطر؛ إلا أنّ عزيمة الرجال لا تلين. شكرًا على ما أبديتموه، حدثينا أيتها الرؤية المباركة عمّا وصلتم إليه خلال مسيرتكم التي بلغت ست سنوات. ماذا عسايَ أن أحدثك عنه، فالجميع يشاهد ويسمع ما وصلنا إليه؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، تسهيل الحصول على الخدمات الصحية الطارئة خلال أربع ساعات بنسبة تتجاوز 87 %. انظر إلى خفض معدل وفيات حوادث الطرق سنويًّا إلى 13.5 وفاة لكل 100 ألف نسمة، ولاحظ ارتفاع نسبة الممارسين للرياضة مرة واحدة على الأقل أسبوعيًّا إلى 19 %، وأمعن النظر في نسبة تملّك المساكن إلى 60 %. ومن خلال رؤيتنا، ارتفع عدد المواقع التراثية القابلة للزيارة في المملكة عام 2020 إلى 354 موقعًا، وأصبح عدد عناصر التراث الثقافي غير المادي المسجل لدى اليونسكو 8 عناصر، ووصل عدد مواقع التراث العمراني المسجلة في سجل التراث الثقافي الوطني إلى 1,000 موقع. ومما هو جديرٌ ذكره أن تمّ أتمتة عملية الحصول على تأشيرة العمرة لتصبح مدة الحصول عليها 5 دقائق فقط، وإطلاق "التأشيرة السياحية الإلكترونية" التي يمكن الحصول عليها إلكترونيًّا خلال دقائق، ولذا ارتفعت نسبة نمو قطاع السياحة في المملكة ليصبح الأسرع نموًّا في العالم بنسبة 14 %. لاحظ تضاعف عدد الشركات العاملة في قطاع الترفيه إلى أكثر من 1,000 شركة، مما خلق ما يزيد على 101 ألف وظيفة حتى نهاية عام 2020 في قطاع الترفيه، ولقد تمّ إنشاء سبع محميات طبيعية ملكية في عامي 2018 و2019 لحفظ الأنواع النباتية والحيوانية، وتتصدر المملكة الإنتاج العالمي لتحلية المياه المالحة بأعلى طاقة إنتاجية بلغت 5.9 ملايين م3 يوميًّا، مما خفّض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حيث بلغ 28 مليون طن سنويًّا، وتم الإعلان عن مشروعات عملاقة للمحافظة على البيئة، وأحدثها مبادرتا "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر". إنّ رؤيتنا تُباهي بتضَاعُف أصول صندوق الاستثمارات العامة؛ حيث وصلت إلى نحو 1.5 تريليون ريال، مع نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية لتصل إلى 17.625 مليار ريال، وكذا إطلاق مشروعات كُبرى لتسهم في رفاهية المجتمع وتوفير الوظائف وجذب الاستثمارات العالمية، ومن أهمها: مشروع نيوم، والقدّية، ومشروعات البحر الأحمر، وغيرها. ولقد ارتفعت قيمة ملكية المستثمرين الأجانب في سوق الأسهم السعودي بنسبة 195.9 % لتصل إلى 208.3 مليارات ريال. ألا تلاحظ إنشاء مركز "فنتك السعودية" الذي يهدف إلى فتح الخدمات المالية لأنواع جديدة من الجهات الفاعلة في مجال التقنية المالية. إن رؤيتنا جعلت السوق المالية السعودية "تداول" واحدة من أكبر 10 أسواق مالية حول العالم؛ حيث تقدمت المملكة إلى المرتبة 12 في مؤشر توفّر رأس المال الجريء في تقرير التنافسية العالمية 2020. ولقد حققت المملكة المركز الثالث عالميًّا في مؤشر حماية أقلية المستثمرين، وتقدمت المملكة في تقرير التنافسية العالمي 2020 إلى المرتبة 24 عالميًّا. وازدادت مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة إلى 33.2 %، ونما نسبة الناتج المحلي غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي إلى 59 % في عام 2020، وارتفعت الإيرادات غير النفطية إلى 369 مليار ريال في عام 2020. إن رؤيتنا الآن في العام 2022؛ أي بقيَ على محطة وصولنا ثماني سنوات، وقد أنجزنا أكثر من 60 %، وتلكم الإنجازات لم تكن تتيسّر لولا فضل الله وتيسيره والعزيمة والإصرار اللذان هما زادنا؛ رغم أننا تعرضنا لمحطاتٍ لم تكن بالحسبان؛ كجائحة كورونا (كوفيد- 19)، وما تسببت فيه من عرقلة مسيرتنا، وما ذلك إلا بتوفيق الله ثم بشحذ هممنا من خلال عرّاب رؤيتنا؛ حيث يؤكّد في كل لقاءات سموه أنّ المسيرة تتألّق ويزدادُ توهّجها وبريقها، وتلمعُ أشعتها، وسوف ترونَ -بإذن الله- ما يسرُّ الوطن والمواطن من خلال أذرع رؤيتنا الوطنية (المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح). في الختام، أكرر شكري وتقديري. صاحبة المعالي، رؤيتنا المباركة، ماذا ترغبون أن تقولوا في ختام لقائنا هذا؟ أقول: إننا نستقبل هذه الأيام مبايعة عرّاب رؤيتنا وقدوة شباب وطننا وموقد الشعلة التي لم ولن تنطفئ -بإذن الله- صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية، نجدد له البيعة ونسأل الله أن يكون التسديد والعون حليفه، وأن يحقق مبتغاه ورؤاه تحت توجيه وقيادة قائدنا العظيم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الملك الملهم صاحب الأيادي البيضاء على وطننا. فاللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت على أن منحت وطننا قيادة حازمة عازمة ذات رؤية تَحقق منها الكثير، وسترون منها المزيد بإذن الله.
