ليس أجمل من أن يرتبط الماضي بالحاضر بالمستقبل في مزيج لا يمكن أن يكون إلا إذا كانت معادلة الحب بين الحاكم والمحكوم علاقة متينة أساسها الثقة بالقدرة على الوصول إلى الأفضل، أن تستمر دولة لثلاثة قرون فهذا أمر غير عادي إلا إذا كان الأساس متيناً والأهداف واحدة بروح مثابرة تغلبت على ما كان مستحيلاً ليصبح واقعاً يشار إليه بالبنان. يوم التأسيس ذكرى نحتفل بها؛ كونها بداية تكوين دولتنا التي أصبحت بفضل الله - عز وجل - ثم بهمة الرجال الذين أفنوا أعمارهم من أجل أن ننعم بوطن غير كل الأوطان، فهو قد جمع المجد من أطرافه كلها؛ مجتمع متماسك، وسياسة حصيفة، واقتصاد متين، ومركز متمكن في المجتمع الدولي له ثقله في صناعة القرار. الاحتفال بيوم التأسيس له رمزية قوية بإجلال الماضي التليد واحتفاء بالحاضر والتفاؤل بمستقبل واعد بحول الله وقوته، فخلال الثلاثة قرون ومنذ بدء بناء الدولة السعودية - رعاها الله - ونحن في جهاد لم ينقطع، فبناء الدولة لا يتم إلا ببذل الغالي والنفيس، وهذا ما حصل، فالأهداف السامية لا تتحقق إلا بالصبر والجلد والعزيمة القوية التي لا تكل ولا تتعب من أجل الوصول إلى أهدافها رغم قلة الإمكانات وضعف الموارد بل وشحها في كثير من الأوقات، هي العزيمة الصادقة والنيات الطيبة والهمم التي تصل إلى عنان السماء، فمن مرحلة إلى أخرى حتى يومنا هذا كان عزم الرجال القوي المبني على الحق والعدل والإنصاف هو الأساس القوي لتأسيس الدولة المتكاملة الأركان، كان الأساس متيناً فأصبح البناء شاهقاً أبهر العالم بمنجزه الحضاري الذي فاق كل تصور، لم يكن في حسبان أحد أن تلك البلدة الصغيرة ستصبح يوماً من الأيام دولة عظمى مترامية الأطراف تقارع دول العالم بمنجز تاريخي ملهم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، من كان يتصور أن الدرعية ستكون الأساس لانطلاق عملاق سيولد ليلفت أنظار العالم وليؤكد أن الدولة التي تأسست في الدرعية انطلقت ومازالت تنطلق بذات القوة حتى تعزز من مكانتها التي تستحق؟!
