أعلن ولي العهد الأسبوع الماضي الاستراتيجية الوطنية للاستثمار. وهذه المبادرة تعتبر خطوة كبيرة على الطريق المؤدي لتحقيق رؤية المملكة 2030. فمثلما قال ولي العهد، فإن بلادنا تمتلك قدرات استثمارية ضخمة، وهذه القدرات سوف يتم استغلالها لتكون محركًا لاقتصادنا ومورداً إضافياً للبلاد. وهذا التوجه يندرج ضمن مصفوفة سوات الرباعية للتحليل الاستراتيجي – SWOT Analysis ، التي أهم ركائزها البحث عن مكامن القوة واستغلال الفرص لتحقيق أكبر قدر من الإنجازات. ومن أهم عناصر القوة التي يتمتع بها بلدنا، هو الموقع الجغرافي. فالمملكة من جهة الغرب تطل على البحر الأحمر الذي يفصلها عن القارة الإفريقية، ومن الشرق على الخليج العربي الذي يفتح لها البوابة الآسيوية- هذه القارة التي تنتقل إليها موازين القوة العالمية الجديدة. كذلك، فإن لدينا النفط، الذي لا يقل أهمية عن الموقع الجغرافي - رغم كون النفط عاملاً مؤقتاً. فالمملكة تملك حوالي 16 % من احتياط النفط العالمية. الأمر الذي مكننا من التربع على قائمة كبار منتجي النفط في العالم. وهذا العنصر الثاني أعطى العنصر الأول قوة مضاعفة. فالمثلث الجغرافي من الخليج العربي إلى قناة السويس تحول إلى أهم ممر بحري للثروات في العالم، حيث يمر عبره النفط والغاز الذي تنتجه أهم أعضاء أوبك إلى كافة أنحاء العالم. فعبر هذا الشريان البحري يمر يومياً ما يصل إلى حوالي 17 مليون برميل يوميًا من الخام، أو نحو 30 % من إجمالي تجارة النفط المنقول بحريًا في العالم. والأمر هنا لا يقتصر على نقل موارد الطاقة فقط. فالخليج العربي والبحر الأحمر يعتبران أيضًا من أهم ممرات التجارية في العالم. فعبر هذين الممرين المائيين يتم نقل البضائع إلى البلدان المطلة عليهما. ونسبة كبيرة من هذه البضائع تأتي من البلدان الصناعية القديمة منها والجديدة. ولهذا فإن بلدنا الذي تحيط به هذه الشرايين المائية المهمة يعتبر في موقع قوي للتفاوض مع البلدان الصناعية حول التنمية فيه. ومثلما نعلم، فإن المملكة ليست موقعاً جغرافياً ومالكاً لاحتياط هائل من النفط فقط، وإنما موقع ديني لا ينافسه عليه أحد في العالم الإسلامي. ولذلك، فإن هذا الموقع فائق الأهمية، يعطي المملكة فرصة للاستفادة من دعم المسلمين في كافة أنحاء العالم، ومساندتهم لرؤية المملكة وخططها الطموحة لتحديث هياكلها الاقتصادية والاجتماعية. من ناحية أخرى، فإن العناصر السابقة هي عوامل موضوعية. ولهذا فهي تحتاج إلى عوامل ذاتية مساندة حتى تعطي النتائج المرجوة. والقيادة الحكيمة في المملكة هي ذلك العامل الذاتي القوي الذي سوف يؤدي إلى إحداث نقلة نوعية مميزة.