قصائد الحب عند الحاضرة تصف جمال المرأة أكثر من إظهار مزايا عقلها وقلبها تحدث المستشرق السويسري بوركهارت في الحلقة الماضية عن نظام الطلاق عند بدو سيناء الذين هم امتداد لقبائل الجزيرة العربية بعاداتهم وتقاليدهم، وذكر أن الطلاق منتشر عند البادية وأنهم في سيناء يلزم الزوج بدفع كامل مؤخر صداق المرأة وكل حقوقها إذا كان الانفصال برغبته أما إذا كان برغبة وإصرار من الفتاة فإنه يسقط حقها في المؤخر ولا تستطيع الخلاص من الزوج إلا بعد أن تجد له صديقاتها عروس بديلة وقبل النطق بالطلاق من حقه حسب التقاليد والأعراف حلق شعر رأسها، وذكر أيضا حق الرجل بابنة عمه مستشهدا بقصة عملية لأحد أدلائه الذي وجد ابنة عمه قد زوجت من شاب غريب عند وصولهم فقام فورا بتأمين كامل مهرها عند أحد وجهاء قبيلته وهذا من شأنه أن يجبر الغريب على طلاقها وبعد استكمال عدتها يتزوجها. وإلى ذلك يستكمل بوركهارت حديثه عن طلاق بدو سيناء كما جاء في كتابه ملاحظات عن البدو أحد إصدارات دارة الملك عبدالعزيز فيذكر أن البدو عموما هم الوحيدون من أهل الشرق الذين يمكن أن يسموا بحق المحبين الصادقين والواقع أن سكان المدن حسب رأيه يتحدثون عن عاطفة الحب لكنه يشك فيما لو كان يراد أي شيء بذلك مؤكدا أنه لم يشهد بينهم أي مثال للمحافظة على الود وسط المصائب في حين يوجد أناس كثيرون يبدون يوميا عدم مبالاة، بينما تبقى عزلة النساء تحرمهن دائما من إمكانية معرفة شخصية من يحببنه. ذلك أن اللقاء الأول بالمرأة يؤدي إلى تملكها بلا ريب. وحيث لا تستطيع العقول أن يفهم بعضها بعضا يكون من النادر إمكانية أن تصل المشاعر الصادقة إلى درجة السمو التي تمثل كما يتصور الفرق بين الحب الجسدي والحب العقلاني. وذكر مثالا قصائد الحب التي يخاطب بها رجل المدينة محبوبته، يمكن أن تميز بيسر مشاعر الحب الهابط. فبدلا من إظهار مزايا عقلها وقلبها يصف جمال شكلها ومفاتنها أو تشوقه الجامح إلى امتلاكها، ولا يوجد في قصائد الحب المؤلفة حديثا إلا قليل مما لن يرفضه العقل الأوروبي الراقي بازدراء لكن البدو في أحوال أخرى لديهم فرص كثيرة ليصبحوا على معرفة من بنات جيرانهم. ومعنى ذلك أن حبهم - في الأغلب - قد نشأ في زمن صباهم، وترعرع مع مرور السنين. وكذلك هو احتشام الفتاة البدوية. فمهما تكن مشاعرها نحو الحبيب فإنها نادرا ما تبدي له ما يجعله يعرف تلك المشاعر؛ إضافة إلى عدم تمكنها من التمتع بكثير من الحرية الشخصية حتى وإن اقتنعت بذلك الحب وتبادله. وتمسك الفتاة الشديد بشرفها وعفتها كما يصف ذلك لا بد أن يؤثر بقوة في قلبها. ولأن عقل البدوي وخياله قويان وسليمان دائما، وغير مشبعين بالشعور المريض، أو الخيال المنحرف، مثل رجل المدينة فإن من المفترض الانطباعات الحسنة متي حصلت تظل راسخة. ويجب أن نعترف حسب قوله إن عادة الطلاق لا تعني كثيرا بالنسبة لأي ارتباط دائم. يعزو ذلك بوركهارت إلى المزاج الحاد لأولئك المتوحشين من أولاد الصحراء أكثر مما يعزوها إلى أي نقص من الشعور في شخصيتهم. وقد يحدث الخلاف كما يقول بين الرجل وامرأته. ولأنه لا يفعل شيء داخل الأبواب عند البدو فإن الجيران سرعان ما يعلمون طبيعة الخلاف، ويقفون إلى هذا الجانب أو ذاك، وتصبح الأمور خطيرة. وكثيرا ما انتصرت فصاحة الزوجة وثرثرتها وسلاطة لسانها وهذا مما لا تملك السيدة الأوروبية على حق الزوج العادل. لكن الزوج في هذه الحال لا يستطيع أن يحتمل رؤية نفسه مزدرى أمام رفاقه، والأسوأ أن يسخر منه ويهزم بلسان امرأة، ولذلك فإنه في لحظة الغضب ينطق أحيانا بكلمة: أنت طالق التي لا يمكن التراجع عنها، وفي مثل تلك الحالة يصرخ الحاضرون: حسنا فعلت.. الآن أثبتَّ أنك رجل. يتبع.. الخلاف بين الرجل وامرأته داخل الأبواب سعود المطيري