في ضوء الفوضى الاقتصادية والأمنية التي تغرق فيها إيران، كتبت مجلة الفورين بوليسي الأميركية أن النظام الإيراني يعاني من الكثير من المشكلات لكن أكثر ما يقلق المسؤولين في طهران ويزعجهم هو سرعة تخلّي دول شرق آسيا عن إيران كشريك تجاري. وتقول المجلة أن خامنئي كان قد حثّ مسؤولي بلاده علناً على التنسيق مع الشركاء في الصين وغيرها من دول الشرق لدعم الاقتصاد الإيراني، إثر العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حيث تصف المجلة خطة خامنئي حول النظر شرقاً بالخطة الفاشلة التي لم تنجح يوماً، فتعويل خامنئي لإيران كان دائماً منصب على فكرة أن العالم ليس فقط أميركا والغرب وأن دول غنية ونافذة في الشرق ستقوم بإنقاذه من الضغوطات الأميركية. واعتبرت الفورين بوليسي حملة الضغوطات القصوى على إيران ناجحة جداً حيث تمكّنت الخطة من اعتماد آلية منعت كل دول العالم من تقديم أي مساعدة فعالة تنقذ النظام الايراني، فدول كانت تتعامل معها إيران مثل كوريا الجنوبيةوالهند أوقفت تعاملاتها بالكامل مع ايران وأبدت التزام كبير بالعقوبات الأميركية، فتوقفت هذه الدول عن شراء النفط الإيراني وأوقفت استثماراتها طويلة الأمد في إيران ورفضت بيع أي منتجات لإيران ما عدا شحنة من السلع الإنسانية التي أرسلتها كوريا الجنوبية في ظل أزمة كورونا وذلك بعد أن أخذت موافقة واشنطن. لم يتوقف تخلّي دول شرق آسيا عن إيران على وقف التعامل التجاري معها، بل امتنعت دول مثل كوريا الجنوبية عن دفع تكاليف نفط تسلّمته في السابق من إيران، حيث لم تدفع كوريا الجنوبية حتى اليوم نفط بقيمة سبعة مليار دولار كانت قد تسلمته من ايران قبل تطبيق العقوبات الأميركية في أواخر 2018، ليطالب الرئيس الإيراني روحاني من المحاكم الدولية اتخاذ إجراءات قانونية ضد سيئول ولكن دون فائدة. وبحسب فورين بوليسي فإن الهند أيضاً صفعت إيران بشكل صادم لنظام الملالي حيث رفضت نيودلهي في السنوات الأخيرة مساعدة طهران في أقسى الأوقات، ففي العام 2018 وحين فرض ترمب عقوبات مشددة على إيران، أحرجت الهندايران بعرض وحيد قدمته لها وهو حصول الهند على النفط الإيراني مقابل منح إيران بضائع من سلع غذائية وغيرها، الأمر الذي أغضب إيران لأن مثل هذه الصفقة كانت ستحرمها من الدعم الأجنبي والذي هي بأشد الحاجة إليه وبالتالي انقطعت العلاقات الإيرانية - الهندية تماماً. ومن بين الشركاء الآسيويين الاخرين الذين تخلوا عن إيراناليابان، حيث أنهت طوكيو تعاملاتها التجارية مع إيران بسرعة امتثالاً للعقوبات الأميركية، ثم عرضت اليابان على الولاياتالمتحدةوإيران أن تتدخل كوسيط للتقريب بين البلدين، إلا أن الوساطة اليابانية لم تنجح وانتهت المفاوضات اليابانية بالعجز عن تحقيق أي تقدم. وفي النهاية ترى فورين بوليسي أن الصين في إطار تنافسها مع الولاياتالمتحدة تميل في بعض الأحيان إلى استغلال إيران لتلبية مصالحها التنافسية مع أميركا، إلا أن الصين لا تذهب بعيداً إلى الحد الذي تنقذ فيه إيران ونظامها من الغرق في الأزمات الاقتصادية، بل تقوم الصين بإخضاع إيران واستخدامها كورقة في المواجهة مع الولاياتالمتحدة وكل هذا يعني أن خطة النظر إلى الشرق لإنقاذ إيران والتي اعتقد خامنئي أنها خطة ذكية فشلت فشلاً ذريعاً ولا يبدو أنها ستنقذ النظام الايراني أبداً.