ينتهج الحوثيون في اليمن نفس طريق حزب الله اللبناني في خرق الاتفاقات وتوجيه طعنات غادرة وجبانة بدأت بالانقلاب المدعوم إيرانيا لتعطيل المسار الديموقراطي والوقوف حجر عثرة يعيق عملية السلام. وتعد ميليشيا الحوثي إحدى أهم أذرع الحرس الثوري الإيراني في المنطقة وأدوات نظام طهران لتهديد أمن دول الجوار وسلامة الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب. وفي سياق الضغوط الدولية على نظام طهران وميليشياته الطائفية للحد من تدخلاته وسياساته التخريبية في المنطقة وتهديداته للأمن الإقليمي والدولي، انطلقت العديد من الدعوات إلى الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي للعمل على تصنيف ميليشيا الحوثي حركة إرهابية وإدراجها في قوائم الإرهاب وتجميد أصولها على غرار قرارات العديد من الدول - وآخرها ألمانيا يوم الخميس الماضي - بتصنيف حزب الله "منظمة إرهابية". ومن جانبه، أكد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، أن عدم التزام ميليشيا الحوثي بالسلام سيعرضها قريبا لمصير حزب الله. وقال الإرياني: إن "إصرار ميليشيا الحوثي على التموضع كأداة إيرانية قذرة لإقلاق أمن واستقرار اليمن واستهداف دول الجوار وتهديد حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، وعدم التزامها بالسلام والقرارات الدولية سيعرضها قريباً لمصير حزب الله اللبناني من تصنيف بقوائم الإرهاب العالمية". وشدد الإيراني على أن الميليشيا الحوثية لن تظل بمعزل عن الإجراءات الدولية لمواجهة الميليشيات الطائفية الإيرانية وغيرها من التنظيمات الإرهابية والحد من مخاطرها على أمن واستقرار المنطقة، واستمرارها حجرة عثرة أمام إنهاء الحرب وإحلال السلام في اليمن غير آبهة بمعاناة وحياة اليمنيين ودعوات مواجهة فيروس كورونا. وتعكس العلاقة - الممتدة إلى أكثر من 10 أعوام - والتي تربط حزب الله والحوثيين، أحلام طهران الواهية لتنفيذ مخططها الحالم بالسيطرة والهيمنة على عواصم عربية، اعتماداً على وجود جماعات إرهابية مسلحة تعمل تحت مظلة الماكينة الدعائية الإيرانية، ولا يكتفي حزب الله بتقديم الدعم اللوجستي من خبرات ومقاتلين ومدرّبين للحوثيين، بل حوّل معقله الحزبي في ضاحية بيروت الجنوبية إلى منصة لإدارة الماكينة الإعلامية للحوثيين منذ سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر 2014. ودان نبيل عبدالحفيظ، وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية، التعنت الذي تتصرف به الميليشيات والانتهاكات البشعة من القتل قنصا وعبر الألغام واختطاف المواطنين والاغتصاب، فهم لم يتركوا حقا من حقوق الإنسان إلا وانتهكوه، بل هناك عملية سادية مستمرة تمارسها هذه الميليشيات في كل المناطق. وقال عبدالحفيظ ل"الرياض": إن العالم الذي تحكمه بعض المعادلات السياسية للمصالح والتوازنات لن يستطيع أن يغض الطرف طويلا ناحية هذه الانتهاكات وهذه الجرائم، وفي الأخير لا يصح إلا الصحيح، فكما كان القرار باعتبار جماعة حسن نصرالله "منظمة إرهابية" فبالتالي حتى الأسباب التي تحدثت عنها الدول في إعطاء صفة "الإرهاب" لجماعة حزب الله أعتقد أنها نفس الأسباب موجودة ومتوفرة وربما تكون هناك جرائم أخرى إلى جانب ما ذكر فيما يخص حزب الله. وشدد عبدالحفيظ على أن الحوثيين إن آجلاُ أو عاجلاً سيكونون على نفس الطريق عبارة عن جماعة مرفوضة على مستوى العالم، وكل من يرفض السلام ويقوم بالانتهاكات لن يستطيع أن يبرأ منها، فالجرائم لا تسقط بالتقادم، ومثل هذه الجرائم إذا لم تتحرك من أجلها الدول فسيتحرك لها الأفراد وسيجد المجتمع الدولي نفسه أمام كم من الجرائم يصعب التعامل معها باستهانة أو استهتار. وأوضح علي الصراري، المستشار السياسي والإعلامي لرئيس مجلس الوزراء اليمني، أن الحوثيين يعتقدون بأن ما يصدر عن المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية مثل الجامعة العربية لا يعنيهم؛ لأن هذه الجهات لا تعترف بهم وبالتالي ما يفعلونه هو يجري رغما عن هذه الجهات ورغما عن قراراتها، والواقع أنهم يستفيدون إلى حد كبير من التراخي الذي ظهر واضحا في المواقف الإقليمية والدولية وخاصة المواقف من قبل عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي وروَّجوا على نطاق واسع بأن العالم يتفهمهم، وأن هذه العزلة التي يعانوا منها ما هي إلا مؤامرة، ولهذا هم لا يراهنوا على أن يأخذ المجتمع الدولي والأطراف الإقليمية الأخرى موقفا جديا ضاغطا وقويا يجبرهم على الامتثال للقرارات التي تتخذ بشأن الأزمة في اليمن وبشأن المعالجات السلمية لها. وأضاف الصراري أن جماعة الحوثي تتجه نحو مواصلة العمل كأداة بيد إيران وتنفيذ توجيهات حسن نصرالله وحزب الله والعمل في إطار التوجيهات التي يصدرها الحرس الثوري الإيراني، فهم يتلقون كل ما يحتاجونه من الصواريخ والطائرات المسيرة والأسلحة والذخيرة والأموال من إيران وحزب الله وهذا هو رهانهم الرئيس وتعويلهم ولا يعولون على أي شيء آخر سوى في استمرار هذا الدعم الإيراني من قبل ميليشيات حزب الله اللبناني. ويرى الصراري أنه من الضروري أن يكون هناك مواقف حازمة مع الحوثيين والنظر إليهم كخطر يهدد السلام في المنطقة ومصدر لشرور عديدة لا تواجه الشعب اليمني فحسب وإنما تواجه شعوب المنطقة بأسرها بل وتهدد السلم العالمي خاصة وأن الحوثيين يحاولون ممارسة بعض المشاغبات على طريق التجارة الدولية التي تمر بباب المندب والبحر الأحمر، وإذا كان العالم فعلا مستعدا لأخذ موقف حازم مع الحوثيين فإنه من السهل كسرهم وطردهم من الحديدة، وبعد ذلك ستكون نهايتهم ماثلة أمامهم وسيضطرون للانصياع إلى الضغوط الدولية من أجل السلام والقبول بها. وقال الناشط اليمني نبيل سعيد الخولاني: إن الميليشيات الحوثية حركة متطرفة، حركة إرهابية بامتياز لا تحتضن في صفوفها إلا الدمويين والعناصر التي لها غرائز انتقامية، جماعة ترفع شعار الموت لكل من يخالفها فقط لا تحمل في تفكيرها تنمية الإنسان ونهضته وتعليمه وأمنه واستقراره ليس لها خيار في الحياة غير الموت. ويختلف في الرأي، البرلماني اليمني د. مهدي عبدالسلام، عضو مجلس النواب، مشيراً إلى أن الحوثي لن يلقى مصير حزب الله إذا لم يستجب للقرارات والاتفاقات، معللاً ذلك بشكه في مصداقية الأممالمتحدة وعدالتها مع الحوثي. وقال النائب د. مهدي عبدالسلام في تصريحه ل"الرياض": "أشعر بأن الأممالمتحدة منحازة إلى جانب الحوثي". وأشار العميد صفوت الزيات الخبير العسكري المصري، إلى أن حزب الله يتوافر له عمق استراتيجي للموارد والمناورة بفضل النظام السوري والممر الإيراني الممتد من كرمنشاه عبر العراق مرورا بسورية ووصولا إلى الجنوب اللبناني والذي ما كان ليتحقق سوي بتواطؤ دولي فاضح وارتباك عربي واضح، أما في الحالة الحوثية يبدو افتقاده الواضح لهذا العمق ومن ثم يظل اعتماده في الموارد على الدعم الإيراني البعيد المرهق بحكم المسافة وعمليات الاعتراض للتحالف العربي والقوى الغربية المنتشرة على طول المسار البحري لهذه التدفقات، لذا يبدو أن الأداة الأهم للتحالف في احتواء فعال للحالة الحوثية بترتيب أوضاع الشرعية اليمنية وإنهاء فوضى الحروب واستئناف التقدم العسكري المنظم لاحتواء المناطق خارج السيطرة.