المتابع للمشهد السياسي في الشرق الأوسط والدور الذي تريد إيران أن تلعبه داخل هذا المشهد يجد نفسه مذهولاً من حجم التشابه بين نظام الملالي والسفاح ستالين.! من يقرأ التاريخ يجد أن ستالين تسلق على أكتاف رجال الدين وتقوّى بهم.! تضمنت هذه العلاقة افتتاح العديد من المعاهد لإعداد الكهنة والمطابع لطبع الكتب الدينية، كل هذه الإجراءات وغيرها جعلت العلاقة بين الكنيسة وستالين جيدة، ففي المقابل قام رجال الدين بتعليق صور ستالين على أبواب الكنائس، كما قال عنه الأب سرجيوس: "سياسة ستالين تنسجم مع مبادئ الكنيسة المسيحية"!! كذلك قال الأب يفانينكو عنه: "ستالين هو أعظم قائد ومعلّم، مرسل من الله ليخلص الأمة من الاضطهاد"! نظام الملالي ومنذ اغتصابه الحكم وهو يضع عباءة الدين، ويحارب بها كل مخالفيه وأعدائه، في محاولةٍ بأسلوب ستاليني لتضليل شعوب المنطقة عن نزعته نحو تمديد نفوذه وفرض سيطرته لتحقيق أطماع ذات طابع فارسي. ومن أبرز الشواهد على ذلك: استغلال القضية الفلسطينية، والصعود على أكتافها!! ويبدو أن الطالب سيتفوق على معلمه؛ والدليل على ذلك البيان الأخير الذي صدر عن قيادة "حركة حماس"، والتي دانت فيه محاولة اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني. وقال الناطق باسم حماس "حازم قاسم": "إن محاولات اغتيال سليماني لا تخدم إلا المشروع الصهيوني!"، في تجاهل صريح وغير مبرر لاعتداءات إيران على الدول الإسلامية المجاورة، واختراق سيادتها الذي أضعف المشروع الإسلامي والعربي ضد إسرائيل.! كذلك ستالين عرف عنه الغل الذي يجري في عروقه مجرى الدم، فلم يهنأ له بال حتى بدأ حملاته العسكرية التي نفذها في فترة ما بين 1937 - 1941. من خلال هذه الاجتياحات أراد ستالين تصفية الحسابات مع الدول التي عانت منها روسيا سابقاً، فبدأ باليابان؛ وكان هدفه استرجاع الأراضي التي احتلتها اليابان أثناء الحرب الروسية - اليابانية 1905. كما أراد ستالين كذلك الانتقام من بولندا، واسترجاع الأراضي التي احتلتها من روسيا أثناء الحرب البولندية - السوفيتية. كما قام أيضاً باجتياح فنلندا؛ للانتقام بسبب دعمها الروس البيض ضد البلاشفة أثناء الحرب الأهلية الروسية، ومناهضتها للشيوعية. الملالي هم كذلك لم يغب عن خواطرهم الهزائم التي تلقوها من المسلمين العرب، ورغبتهم باستعادة ما فقدوه إبان تلك الحقبة. ومن أبرز أوجه التشابه بين ستالين ونظام الملالي تشكيل الحرس الثوري، على غرار (الجيش الأحمر) الذي استعان به ستالين لتصفية المتخاذلين من الضباط والمشكوك في ولائهم؛ حتى لا يتعرض للخيانة، وكذلك تحطيم أي جبهة معارضة لسياساته. اليوم إيران لم تكتفِ بجيش أحمر واحد لصد أي خطر داخلي، بل تعدته إلى أبعد من ذلك؛ حيث زرعت جيشاً أحمر داخل عدد من الدول العربية تحت أسماء مختلفة مثل: حزب الله، والحشد الشعبي، وأنصار الله "الحركة الحوثية"؛ لزعزعة أمن تلك الدول واغتصاب سيادتها، كما فعل ستالين عندما قام بإرسال "ألكسندر أورلوف"، أحد قادة جهاز الاستخبارات السوفيتية، وأوكل إليه مهمة تشكيل جبهة شعبية للقيام بحرب عصابات على نطاق واسع داخل إسبانيا، والاستعانة بألوية من مقاتلين سوفييت.! أما الاغتيالات والمجازر والإبادات الجماعية والتطهير العرقي، فالملالي وستالين في ذلك كما التوءم السيامي؛ وتشهد على ذلك مجزرة المحامدة على يد الحشد الشعبي في العراق، ومسجد مصعب بن عمير بمحافظة ديالى الذي قتل فيه نحو (70) مصلياً، وأصيب عشرات آخرون بجروح أثناء أدائهم صلاة الجمعة. بالإضافة إلى تدمير وحرق قرى بالكامل، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر ثمانية آلاف منزل داخل تكريت تعرضت للنهب والسلب، ثم التدمير بالعبوات الناسفة، وذلك حسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أما الفلوجة - وما أدراك ما الفلوجة - فتقارير الأممالمتحدة حول مجازر الفلوجة يندى لها الجبين، وهذا أمر غير مستغرب، فتاريخهم أسود، بدايةً بمؤامرة البرامكة في زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد العام (187ه)، ومروراً باحتلال الشاه إسماعيل الصفوي بغداد، واقتراف مجازر طائفية بين العامين 914 و920ه، وكذلك احتلال الشاه طهماسب الصفوي بغداد، واقتراف مجازر طائفية بين العامين 936 و940ه، وانتهاءً باحتلال عربستان والسليمانية والأحواز، والأعمال الإرهابية والتفجيرات خلال موسم الحج (1987م). العالم اليوم بمنظومته الجديدة ليس بحاجة إلى ستالين أو هتلر آخر، وإنما إلى حكومات تعي أهمية الحفاظ على سيادتها ضمن حدود جغرافية مرسومة وفق اتفاقيات ومواثيق دولية، والانطلاق من خلال هذه السيادة عبر منظومة الأممالمتحدة ومشروعاتها التي تعنى بالتنمية المستدامة، والأمن الغذائي، ومحاربة الفقر، للنهوض بالإنسان وتحقيق الرفاهية له. العالم اليوم ليس بحاجة إلى فكر الثورات وزعزعة النسيج السياسي داخل الدول؛ الأمر الذي يفضي إلى حروب إقليمية قد تتحول إلى حرب عالمية ثالثة!! لذلك أصبح العالم أمام خيار واحد فقط وهو تقويض مشروع ستالين الشرق الأوسط قبل أن يوغر خنجره ويحول المنطقة إلى قنبلة تقضي على عقود من البناء. أما في إطار منطقة الشرق الأوسط فقد آن الأوان للشعوب العربية أن تنتفض أمام الزحف الفارسي الذي تسلل الخرائط، واخترق سيادة الدول العربية، لقد آن الأوان للدول العربية أن تدرك بأن من لا يشاركك العرق واللغة والتاريخ فلن يشاركك مواردك الطبيعية ولقمة العيش، لقد آن الأوان للأمة الإسلامية والعربية أن تعيد صياغة دستورها وفق عبارة الملهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: (ليت بيننا وبين الفرس جبلاً من نار لا ينفذون إلينا ولا ننفذ إليهم). لقد آن الأوان للشعوب العربية أن تدرك بأن الملالي وأذنابهم ليسوا إلا مستعمرين حاقدين يريدون تغيير التاريخ والنجاح؛ حيث فشل أجدادهم، لقد آن الأوان للشعوب العربية أن تدرك بأن الملالي شغلهم الشاغل تدمير وإبادة العرب الذين هم مادة الإسلام.